بخ، أنت والله فقرة الظهر، ورأس الفخر، حللت في الشرف وسطا، وتقدمت فيه فرطا.
قال: فاني قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه واستعن بكم عليه.
فقالوا له: إنا والله نمنحك النصيحة، نجهدك الرأي، فقل حتّى نسمع.
فقال: أن معاوية قد مات، فأهون به والله هالكاً ومفقوداً، إلَّا وانه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمراً، وظن أنه قد احكمه وهيهات الّذي أراد، اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قال يزيد شارب الخمور، ورأس الفجور، يدّعى الخلافة على المسلمين، ويتأمر عليهم بغير رضا منهم مع قصر حلم، وقلّة علم، لا يعرف من الحق موطئ قدمه، فأقسم بالله قسماً مبروراً، لجهاده على الدين، أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن عليّ أمير المؤمنين، وابن رسوله صلى الله عليه وآله، ذو الشرف الأصيل، والرأي الأثيل، له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف، هو أولى بهذا الأمر، لسابقته وسنه، وقدمه وقرابته يعطف على الصغير، ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية، وإمام قوم وجبت لله به الحجة، وبلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، ولا تسعكوا في وهد الباطل.
والله لا يقصر أحد عن نصرته إلَّا أورثه الله الذل في ولده، والقلة في عشيرته، ها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها، وادرعت لها بدرعها من لم يقتل يمت، ومن يهرب لم يفت فاحسنوا رحمكم الله رد الجواب.
فقالت بنو حنظلة: يا أبا خالد نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك، إنّ رميت بنا أصبت، وإن غزوت بنا فتحت، لا تخوض غمرة إلَّا خضناها، ولا تلقى والله شدة إلَّا لقيناها، ننصرك بأسيافنا، ونقيك بأبداننا إذا شئت.