القسم الثاني الذي ترويه أنهار دجلة والفرات وشط العرب واحدة من أخصب بقاع الكرة الأرضية وقد اشتهرت منذ القدم بأنها (مخزن حبوب مقدمة آسيا).
وتبعاً لهذا التقسيم الطبيعي لولاية البصرة فإنها في وصفنا لها من الناحية الجغرافية سنقوم بتقسيمها إلى قسمين نبحث في أولهما القسم الشمالي والأكثر تحضراً من الولاية ونستعرض في القسم الثاني الحسا وهو بلد مقفر لم يبحث إلّا قليلاً.
يطلق اسم العراق الجنوبي في الخرائط الجغرافية على القسم الشمالي النهري من ولاية البصرة الذي يتميز بخصوبته غير إن كثيراً من الرحالة الأوروبيين يسمونه ما بين النهرين الأدنى. وهذه التسمية الأخيرة ليست صحيحة تماماً من الناحية العلمية لأن المصطلح العلمي (ما بين النهرين) يعني في أعمال الجغرافيين فقط المثلث الذي يكونه المجرى الأوسط لنهري دجلة والفرات من جهة وسفح هضبة أرمينيا من الجهة الأخرى أي الأقليم المعروف عند العرب باسم (الجزيرة). لهذا فإن ما بين النهرين لا يمتد إلى الجنوب من بغداد التي تقع تقريباً على الحدود بينها وبين بلاد الكلدانيين القديمة أي العراق العربي الذي يشمل بالإضافة إلى ولاية البصرة الأطراف الجنوبية لولاية بغداد أيضاً. ويعين العقيد (جسني) الباحث المتخصص في ما بين النهرين الحدود التي تفصل ما بين النهرين عن العراق العربي بشكل أكثر دقة فهو يؤكد أن العراق العربي يمتد في الشمال إلى الموضع الذي كان يقوم به السور الميدي القديم الذي يتجه من صدر قناة الدجيل على دجلة حتى مصب قناة الصقلاوية (١) في الفرات أي إلى ما
______________________
(١) الصحيح هو تفرع الصقلاوية من الفرات وليس مصبها فيه لأن جدول الصقلاوية كما هو معروف لايصب في الفرات وإنما يأخذ مياهه منه. (المترجم).