فإن الظاهر خروج هذا عن منصرف أدلة الاذن في ارتفاع الاعمال على وجه التقية لو فرضنا هنا إطلاقا ، فإن هذا لا دخل له في المذهب ، وإنما هو اعتقاد خطأ في موضوع خارجي.
نعم ، العمل على طبق الموضوعات العامة الثابتة على مذهب المخالفين داخل في التقية عن المذهب ، فيدخل في الاطلاق لو فرض هناك إطلاق ، كالصلاة عند اختفاء الشمس ، لذهابهم إلى أنه هو المغرب.
ويمكن إرجاع الموضوع الخارجي أيضا في بعض الموارد إلى الحكم ، مثل ما إذا حكم الحاكم بثبوت الهلال من جهة شهادة من لا تقبل شهادته إذا كان مذهب الحاكم القبول ، فإن ترك العمل بهذا الحكم قدح في المذهب ، فيدخل في أدلة التقية.
وكيف كان ففي هذا الوجه لا بد من ملاحظة إطلاق دليل الترخيص لاتيان العبادة على وجه التقية وتقييده والعمل على ما يقتضيه الدليل.
وأما في الوجه الثاني ، فهذا الشرط غير معتبر قطعا ، لان مبناه على العمل المخالف للواقع من جهة تعذر الواقع ، سواء كان تعذره للتقية من مخالف أو كافر أو موافق ، وسواء كان في الموضوع أم في الحكم.
كل ذلك لان المناط في مسألة اولي الاعذار العذرية ، من غير فرق بين الاعذار.
بقي الكلام : في اعتبار عدم المندوحة الذي اعتبرناه في الوجه الثاني.
فإن الاصحاب فيه بين غير معتبر له ، كالشهيدين (١) والمحقق
__________________
١ ـ مرت ترجمة الشهيد الاول ، وهو صاحب كتاب البيان الذي نقل عنه هنا ، وكتاب البيان في الفقه خرج منه الطهارة والصلاة والزكاة والخمس وأول الاركان الاربعة من الصوم فيما يجب الامساك عنه.
وأما الشهيد الثاني فهو : الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد بن محمد العاملي ، عالم كبير من أعيان هذه الطائفة ورؤسائها وأعاظم فضائلها وثقاتها ، له عدة مؤلفات ، منها : روض الجنان في شرح إرشاد