ويخفّف من آلامهم أنّه كان بعين الله سبحانه.
فحسن الخلق من أهمّ العوامل في تعليم الناس وتربيتهم وتهذيبهم ، وإصلاح المجتمع وإدارته.
وما أروع ما يقوله سماحة المجدّد الشيرازي الكبير (قدس سره) قائد ثورة التبغ في إيران سنة (١٨٩١ م) : إنّ للمرجعيّة مئة شروط ومواصفات ، أوّلها : العلم. والثانية : التقوى ، والبقيّة فنّ الإدارة لشؤون المجتمع ومداراة الناس والنظر في حوائجهم وفق مقتضيات العصر الذي يعيشونه (١).
ومن روائع قصص علمائنا الأعلام في حسن الخلق ومداراة الناس وآيات الحلم ما ينقل عن المحقّق خواجة نصير الدين الطوسي عليه الرحمة لمّـا شتمه شخص في رسالة قائلا : يا كلب. فأجابه بحلم وهدوء وسكينة : أمّا قولك : يا كلب ، فغير صحيح ، فإنّ الكلب من ذوات الأربع وهو نابح طويل الأظفار ، وأنا منتصب القامة بادي البشرة عريض الأظفار ، ناطق ضاحك ، فهذه الفصول والخواصّ غير فصول وخواصّ الكلب.
ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم ، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت ، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه.
وهذا الآية العظمى الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء (قدس سره) لمّـا كان جالساً في محراب الصلاة ، جاءه سيّد فقير وطالبه مالا ، ولم يكن عند الشيخ شيئاً ، فغضب السيّد وبصق في وجه الشيخ ، فقام الشيخ وأخذ طرف ردائه أو عمامته ودار بين صفوف المصلّين ، وهو يقول : من كان يحبّ لحية الشيخ فليساعد
__________________
١ ـ قصص وخواطر : ٦٥٥.