العظيم محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فهم القدوة والنماذج الصالحة التي يجب على الاُمّة التواصل معها والاهتداء بهديها ...
وأنّ الله جلّ وعلا لم يمنّ على الإنسان ، لا سيّما المؤمن بما تنعّم عليه من النعم الظاهرية والباطنية :
(وَإنْ تَعُدُّوا نَعْمَةَ اللهِ لا تُحْصوها) (١).
إلاّ في موردين كما في كتابه الكريم :
الأوّل : ختم النبوّة بسيّد الأنبياء وأشرف خلق الله محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وإنّما اُرسل في عصر الجاهلية الاُولى لينقذ البشرية من الجهل والضلال ، فكانت رسالته السماوية مطلع نور في اُفق الإنسانية ، وإنّما جاء ليزكّي المؤمنين ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، وهذا يعني أنّ حقيقة كمال المؤمن وبلوغه المقامات العالية والدرجات الرفيعة ، حتّى يكون عند مليك مقتدر في مقعد صدق ، إنّما هو بالتزكية والعلم ، فيحلّق الإنسان بهذين الجناحين في آفاق السعادة الأبدية ، وإنّما قدّمت التزكية ربما لبيان أهمّيتها وعظمة رتبتها ، وإلاّ فإنّ الإنسان لا بدّ له في سيره التكاملي الإنساني الإلهي من التزكية والعلم سويّةً ومعاً.
فالله سبحانه منّ على المؤمنين بهذه النعمة العظمى ـ في بداية الإسلام ونشره ـ في الجاهليّة الاُولى ، الجاهليّة الجهلاء التي كانت عن جهل ، كما في قوله تعالى :
(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلى المُؤْمِنينَ إذْ بَعَثَ فيهِمْ رسولا مِنْ أنْفُسِهِمْ يَتْلو عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمَهُمُ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَإنْ كانوا مِنْ قَبْلُ لَفي ضَلال مُبين) (٢).
__________________
١ ـ إبراهيم : ٣٤.
٢ ـ آل عمران : ١٦٤.