الثاني : ظهور خاتم الأوصياء المهدي والقائم من آل محمّد (عليهم السلام) ، فإنّه سيظهر بعد الجاهلية الثانية التي تكون عن علم :
(أفَرَأيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلـهَهُ هَواهُ فَأضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلـْم) (١).
ويكون ذلك في آخر الزمان ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.
فالله سبحانه وعد المؤمنين ومنّ عليهم بهذه النعمة العظمى ، بأنّ الدين الإسلامي سيكون هو الحاكم على الأرض ، وتكون الحكومة العالمية بيد المؤمنين عباد الله الصالحين ، كما في قوله تعالى :
(وَنُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذينَ اسْتُضْعِفوا في الأرْضِ وَنَجْعَلـْهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثينَ) (٢).
ثمّ الآية الاُولى تبيّن سبب الرسالة الإسلامية ومحتواها :
(يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمَهُمُ).
فإنّها عبارة عن التزكية والتعليم.
ومن لطف الله سبحانه حيث خلق الإنسان ، وكلّفه ليعرّضه إلى الثواب والنعيم الأبدي ، قد أودع فيه الخمرة الاُولى ورأس المال الأوّلي لتزكيته وتربيته ، وذلك عبارة عن (الإلهام) إلهام عامّ يتعلّق بالخير والشرّ ، فعرّفه في فطرته وعقله وروحه ونفسه وقلبه ، أوّلا التقوى والفجور ، ثمّ كمّل وعضد ذلك الإلهام ببعث الأنبياء وأوصيائهم وورثتهم من العلماء الصالحين ، فقال سبحانه :
__________________
١ ـ الجاثية : ٢٣.
٢ ـ القصص : ٥.