« من الاُمور التي يجب على جميع المسلمين ، لا سيّما طلاّب العلوم الدينيّة ورجال الدين أن يهتمّوا بها غاية الاهتمام قضيّة قيام الأسحار والتهجّد والتضرّع فيها.
وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من عشر مواضع على هذا الأمر الخطير ، وقد ورد الثناء والإطراء الإلهي على المتهجّدين بالأسحار بعبارات مختلفة.
ويقول العارف بالله الميرزا جواد الملكي التبريزي صاحب (المراقبات) : إنّ الروايات في فضيلة صلاة الليل وذمّ تركها قد بلغت حدّ التواتر (١).
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة الليل.
ويرى علماء الأخلاق أنّ من الواجبات الأخلاقية على الطلاّب أن يهتمّوا بهذا المستحبّ ويلتزموا به لإنارة قلوبهم والاختلاء بالله حبيب القلوب.
يقول المرحوم الملكي التبريزي : وحكى لي شيخي في العلوم الحقّة : أنّه ما وصل أحد من طلاّب الآخرة إلى شيء من المقامات الدينية إلاّ إذا كان من المتهجّدين.
وكيف كان ، فإنّ من له أدنى تتبّع في أخبار أهل البيت (عليهم السلام) وأحوال السلف من مشايخنا العظام (رحمهم الله) ، لا يشكّ في أنّ صلاة الليل ليست ضدّ تحصيل العلم ، بل هي من أسبابه القريبة والقويّة ، وكثيراً ما رأينا من المحصّلين من كان من المتهجّدين وصار ذلك سبباً لاستقامة فهمه وجودة ذهنه في الوصول إلى المطالب الحقّة في المسائل العلميّة ، وارتقى إلى المراتب العالية في العلم بخلاف الطلاّب المجدّين
__________________
١ ـ أسرار الصلاة : ٢٩٣ ، وقد تناول المصنّف أهميّة صلاة الليل وكيفيّتها بالتفصيل ، فليراجع. كما ذكرنا ذلك في كتاب (التوبة والتائبون) ، فراجع.