وقد ورد في الحديث الشريف : « إنّ الله يحبّ الكافر السخيّ ، ويبغض المؤمن البخيل » ، أي إنّه يحبّ عمل الكافر وهو السخاء لا ذاته ، كما إنّه يبغض عمل البخل حتّى لو كان ذلك من المؤمن ، وما أكثر من كانوا يحملون صفات طيّبة كانت سبباً لهدايتهم وتوبتهم وتوجّههم إلى الله سبحانه ، وكم من صالح في بداية أمره ، إلاّ أنّه هلك وأصبح من الأشقياء ومن زمرة الظالمين ، لما يحمل من صفات ذميمة ، فحبط عمله وانحرف عن الصراط المستقيم ، واستهواه الشيطان واستحوذ عليه.
(اللهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ وَالَّذينَ كَفَروا أوْلِيائُهُمُ الطَّاغوتُ يُخْرِجونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ) (١).
ومن تفسيرها أنّهم يخرجونهم من نور الأخلاق الحميدة إلى ظلمات الأخلاق السيّئة.
وبنظري أهمّ العلوم إنّما هو علم الأخلاق ، وإنّ جميع القيم والمثل العليا والعلوم النافعة ، ترتكز على محور تزكية النفس. وإذا لم يتمّ غسل القلب وتطهيره من الصفات الذميمة والسجايا الرذيلة والخبائث النفسية ، فإنّه لن يكون باستطاعة شيء حتّى العلم ، أن ينجّي الإنسان ، بل من لم يهذّب نفسه ، لم ينفعه العلم ، وإنّما يكون عليه وبالا ، ويكون هو الحجاب الأكبر ، ولم يزدد بعلمه من الله إلاّ بعداً ، ويسلب منه حلاوة المناجاة ـ كما ورد في الروايات الشريفة ـ.
وإنّما أفتى الشيخ ابراهيم الزنجاني من المعمّمين ـ كان يرتدي زيّ أهل العلم ـ بقتل الشهيد الشيخ فضل الله النوري (قدس سره) ، وإنّما أفتى بذلك لشقاوته لأنّه لم يهذّب نفسه في الحوزة.
وحدّثنا سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد محمّد رضا الگلپايگاني (قدس سره) في
__________________
١ ـ البقرة : ٢٥٢.