درس خارج الفقه كتاب القضاء سنة ١٤٠١ ، قال :
كان في السنين السابقة معمّماً وصل إلى درجة الاجتهاد ، وحين الاحتضار وهو على فراش الموت ، زاره زميله في الدراسة وكان من مراجع التقليد في زمانه ، فأخذ يلقّن زميله بالشهادتين ، إلاّ أنّ صاحبه كان يمتنع من ذلك ، فتعجّب من أمره ، وألحّ في تلقينه ، ولكن ما كان من صاحبه إلاّ الإباء والامتناع ، وفي آخر الأمر طلب ذلك المجتهد الشقيّ ـ الذي كان يتصارع مع الموت ـ القرآن ، فجيء به ، ففتح ذلك ، ثمّ قال لزميله : يا هذا ، هل تذكر أيّام تحصيلنا في بداية شبابنا؟ فقال له : نعم ، أذكر ذلك. فقال له : مَن كان أعلم وأفهم من الآخر ، أنا أم أنت؟ فقال له : أنت كنت أفهم منيّ لتلقيّ الدرس واستيعابه وحفظه. وهكذا كان يسأله عن سيره الدرسي ، وصاحبه يقول : كنت أنت أعلم منيّ. فقال له في آخر الأمر : ولكن وصلت المرجعيّة إليك ، ولم تصل إليَّ ، وهذا يعني أنّ الله ظلمني. ثمّ بصق في القرآن الكريم ومات من دون الشهادتين. نسأل الله أن يجعل عواقب اُمورنا خيراً.
ولا شكّ أنّه مات كافراً ، وهذا نتيجة عدم التهذيب من اليوم الأوّل في كسب العلوم ، فإنّ هدفه كان الوصول إلى الجاه والمقام الدنيوي. وكان سيّدنا الاُستاذ (قدس سره) يحدّثنا بهذه القصّة المرعبة والرهيبة لتصحيح النوايا من بداية الأمر ، وإلاّ فإنّ ما يبطنه الإنسان مهما أراد إخفائه فإنّه يظهر عند موته ، والعياذ بالله. نسأل الله حسن العاقبة ، ولا بدّ للمؤمن أن يكون بين الخوف والرجاء ، فهما نوران في قلبه لو وزن هذا على هذا لم يزدد أحدهما على الآخر.
وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة التي تذمّ علماء السوء أصحاب الدنيا والجاه والمقام الذين لم يهذّبوا أنفسهم ولم يجاهدوها ـ وهو الجهاد الأكبر ـ ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « قصم ظهري إثنان : عالمٌ متهتّك ، وجاهل