طالب العلم يمثّل بزيّه وسلوكه زيّ وسلوك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والناس يتقرّبون إليه ويتبرّكون به ويقتدون بفعله ويهتدون بعمله وقوله ، فهو الاُسوة والقدوة ، والقائد الناجح الموفّق من كان يحمل صدراً رحباً وسيعاً ، وخُلقاً سمحاً ، وروحاً لطيفة شفّافة ، وأحاسيس ظريفة مرهفة ، يحسّ آلام الناس ويعيش مشاكلهم وقضاياهم ، ويشاورهم في الأمر ، يفتح لهم صدره ويستقبلهم بثغر باسم ، ووجه بشوش ، وقلب عطوف رؤوف.
فلا بدّ له أن يراعي شعور الناس ويداريهم بخير مداراة ، فإنّ التودّد إلى الناس نصف العقل ، وربما يضيّع علمه بسوء خلقه ، وحتّى أهله وعياله لا بدّ لهم حفظاً لمقام والدهم من مراعاة الآداب والأحكام الشرعيّة.
فحسن الخلق ورعاية آداب المعاشرة والقضايا الاجتماعية أصل مهمّ في حياة طالب العلم ، وكان سلفنا الصالح يبالغون في حفظ ذلك ، ورعاية حال الناس لا سيّما الفقراء والمحرومين.
يقول شيخنا الاُستاذ آية الله الشيخ فاضل اللنكراني دام ظلّه : رافقت اُستاذي آية الله العظمى السيّد البروجردي عليه الرحمة إلى المياه المعدنيّة في مدينة محلاّت ، وهي تنفع لعلاج آلام العظام والمفاصل ، وكان السيّد الاُستاذ مصاباً بألم في رجله. بقينا هناك عدّة أيّام وكان الناس يزورون السيّد بشوق ولهفة ، فأمر السيّد بشراء كمّية من الأغنام وذبحها وتوزيع لحمها بين الفقراء ، وعزلوا شيئاً من اللحم لطعام الظهر يعملون منه كباباً للسيّد ، وحينما وضعوا الكباب في المائدة اكتفى السيّد بخبز ولبن وخيار ، ولم يأكل من الكباب ، قالوا للسيّد بأنّ الفقراء أخذوا سهمهم ، وهذا من حقّكم. فأجاب السيّد : من المستحيل أن آكل من كباب استنشق رائحته الفقراء ، فتركنا أكل الكباب احتراماً للسيّد واُعطي للفقراء مرّة اُخرى.