دائماً بأقلّ ما يقنع به ، كما كان أليف الضائقة المادّية والإعسار ، كان يقول : أنا شخص فقير ، يجب أن أعيش كواحد من الفقراء (١).
وكان رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله) يقول : أنا مسكين وأحبّ المساكين واُجالس المساكين.
فماذا تقول أنت يا طالب العلم في حياتك وسيرتك ـ الذاتيّة والأخلاقيّة ـ؟
فاصبر صبراً جميلا ، وعليك بالجهاد الأكبر ، وتخلية القلب من الصفات الذميمة ، وتحلية الروح بالسجايا الحميدة ، وتجليتها في سيرك إلى الله سبحانه ، حتّى تصل إلى كمالك المنشود ومقامك المحمود ، ليس ذلك إلاّ التخلّق بأخلاق الله عزّوجلّ والتحلّي بصفات الأنبياء والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، فأنت وارثهم فيما يحملون من المسؤوليّات الثقيلة والمقامات الرفيعة.
وإنّما تنال ذلك بالعلم والعمل الصالح ، بالورع والتقوى.
وقد ذكر علماء الأخلاق مراتب أربعة للورع ، بين الواحدة والاُخرى ممّـا عليه الناس وطلاّب العلوم الدينيّة مسافات بعيدة المدى ، فالورع يتفاوت بين الناس في مراحل :
١ ـ المرحلة الاُولى سمّيت بورع التائبين : وذلك حين يمنع العبد إيمانه من ارتكاب المحرّمات خوفاً من المولى تبارك وتعالى أن تنطبق عليه صفة الفسق في دينه ، واتّباع الشيطان ، وهذا ما يسمّى بتقوى العامّ ـ كما مرّ ـ فإذا ترقّى فيه ذلك الخوف اتّصف :
٢ ـ بورع الصالحين : وذلك حين يمتنع عن اقتحام الشبهات خوفاً من ارتطامه في المحرّمات ، لأنّ من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه ، فيدع ما يريبه
__________________
١ ـ سيماء الصالحين : ٣٩٤.