مكروه كما يقال ذلك عن السيّد المرتضى علم الهدى (قدس سره) ، وقال لي سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد النجفي المرعشي (قدس سره) يوماً : إنّي منذ بلوغي لم أعمل ما يوافق هواي ، وهذا مصداق تامّ لما جاء في الخبر الشريف عن صاحب الأمر (عليه السلام) : « أمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مطيعاً لمولاه مخالفاً لهواه ، فعلى العوامّ أن يقلّدوه ». وبمثل هذه النفوس القدسيّة الطاهرة المطهّرة بقي الدين الحنيف ، ومذهب أهل البيت (عليهم السلام).
حدّثني اُستاذي في السير والسلوك ، عن اُستاذه العارف بالله الشيخ رجب علي الخيّاط أنّه في إحدى ضيافاته وكنت معه ، قبل الظهر قال لصاحب الدار أحسّ بضعف في جسدي ، فجيء بقرص صغيرة من الخبر تصنع في الدار ، فأكلها وقام للصلاة ، وكان من عادته أن يسلّم بعد الصلاة على رسول الله وعترته الطاهرين (عليهم السلام) فيسمع الجواب ـ كما جاء في زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) : « أشهد أنّك تسمع كلامي وتردّ سلامي » ـ إلاّ أنّه لم يسمع هذه المرّة ، فتعجّب وأخذ يحاسب نفسه من صلاة الصبح حتّى الظهر ، ماذا فعل من المعاصي حتّى حجبته عن سماع السلام ، فلم يقف على شيء ، فتوسّل بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) على أن يعلمه بالسبب ، فرأى الرسول الأكرم قائلا معاتباً : يا شيخ ، كان بإمكانك أن تأكل نصف القرصة لرفع ضعفك ، فلماذا أكلت القرصة كلّها؟! وهذا مصداق الحديث الشريف : وفي حلالها حساب ، وفي الشبهات عتاب ، وفي الحرام عقاب ، وكذلك اشتهر : أنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، فأكل القرصة لا حرمة فيه ، إلاّ أنّه يعدّ لمثل المقرّبين وأولياء الله عزّوجلّ ذنب يعاقب أو يعاتب عليه.
فترك المعصية والذنب من أهمّ الشروط التي توجب التوفيق في تحصيل العلوم الشرعيّة ، فإنّ العلم ليس بكثرة التعلّم ، إنّما هو نور يقذفه الله في قلب من شاء