يريد أن يتعلّم فيه ، فليكن أن لا يعجّل في الاختلاف مع العلماء ، وأن يصبر شهرين ، حتّى كان اختياره للاُستاذ ، ولم يؤدّ إلى تركه والرجوع إلى آخر ، فلا يبارك له ، فينبغي أن يثبت ويصبر على اُستاذ وكتاب حتّى لا يتركه أبتر ، وعلى فنّ لا يشتغل بفنٍّ آخر ، قبل أن يصير ماهراً فيه ، وعلى بلد حتّى لا ينقل إلى بلد آخر من غير ضرورة ، فإنّ ذلك كلّه يفرق الاُمور المقرّبة إلى التحصيل ، ويشغل القلب ويضيّع الأوقات » (١).
كما على طالب العلم أن يختار شريكاً في الدرس والمباحثة ، فيختار المجدّ والأورع وصاحب الطبع المستقيم ، ويحترز عن الكسلان والمعطّل ومكثار الكلام والمفسد والفتّان ، قيل : يعرف المرء بخليله.
فاعتبروا الأرض بأسمائها |
|
واعتبر الصاحب بالصاحب |
ثمّ العمدة لطالب العلم أن يبحث عن اُستاذ في الأخلاق ، فإنّ العلم لا بدّ من مقارنته مع التربية والتزكية ، بل لأهميّة التزكية قدّمت في الآية الشريفة : (يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ) على التعليم.
وقال الإمام السجّاد (عليه السلام) : « هلك من ليس له حكيم يرشده » (٢).
فزخرف الحياة وزبرجها ، ووساوس الشياطين وأعوانهم ، وحديث النفس الأمّارة بالسوء ، وكثرة الأعداء في الظاهر والباطن ، ظلمات بعضها فوق بعض ، ومن الصعب أن ينجو الإنسان بنفسه من هذه المغريات والمهلكات ، بل لا بدّ له من خضر في وادي الظلمات ، فصناعة الإنسان وتربيته من دون اُستاذ وبشكل تلقائي
__________________
١ ـ آداب المتعلّمين ـ جامع المقدّمات ٢ : ٥١.
٢ ـ كشف الغمّة ٢ : ٣٢٥.