كأنّه يعدّ من المستحيلات ، ولا يمكن لأحد أن يدّعي الوصول وتهذيب النفس وصيقلة القلب وتطهير الذات من الرذائل من دون مربٍّ ومعلّم ، فعلى طالب العلم في بداية مسيرته أن يبحث عن (اُستاذ الأخلاق) فيختار إنساناً متّقياً كاملا يتولّى تربيته منذ الأيّام الاُولى عند دخوله الحوزة العلميّة ، فهذا من الهمّ الأوّل لطلاّب العلوم الدينيّة.
ويقول الإمام الخميني (قدس سره) : اختاروا أساتذة أخلاق لكم ، اعقدوا مجالس الوعظ والخطابة والنصيحة ، التهذيب تلقائياً (بدون اُستاذ) غير ممكن ، إنّ الحوزات محكومة بالفناء إذا خلت من مجالس الوعظ والنصيحة. كيف يعقل أن يكون علم الفقه والاُصول بحاجة إلى مدرّس ، بحاجة إلى درس وبحث؟! كيف يعقل أن يكون كلّ علم وصنعة في الدنيا بحاجة إلى اُستاذ ولا تكون العلوم المعنويّة والأخلاقيّة بحاجة إلى تعلّم وتعليم ، ثمّ يحصل عليها الإنسان تلقائيّاً (أوتوماتيكيّاً) ويحصلها بدون معلّم ، لقد سمعت كراراً أنّ سيّداً جليلا كان معلّم الأخلاق للشيخ الأنصاري ـ وهو السيّد علي الشوشتري اُستاذ العرفان في القرن الأخير ـ (١).
يقول العارف الجليل آية الله السيّد علي القاضي اُستاذ العلاّمة الطباطبائي في العرفان والسير والسلوك : أهمّ ما يلزم في هذا الطريق الاُستاذ الخبير البصير الخارج عن أسر الهوى ، الواصل إلى المعرفة الإلهيّة ، والإنسان الكامل الذي سافر ـ بالإضافة إلى السير إلى الله ـ الأسفار الثلاثة الاُخرى ، شرط أن يكون تجوّله وتفرّجه في عالم الخلق (بالحقّ) إذا أمضى الإنسان الذي يطلب طريق الله وسلوك طريق الله ، نصف عمره يبحث عن اُستاذ هذا الطريق ، ويفتّش عنه فإنّه يكون
__________________
١ ـ سيماء الصالحين : ٣٨.