والثالث : يخرجون من الدنيا بلا إيمان » (١).
ويقول العلاّمة الشعراني (قدس سره) : والنصيحة الأخيرة أن لا يعتبروا أنّ العلم بدون التقوى والورع ذا قيمة أبداً ، وأن لا يستخفّوا بكلام علماء الدين ، وأن يعلموا أنّ تعظيمهم أحياءً وأمواتاً يوجب مزيد التوفيق.
وأنا أغتنم هذه الفرصة هنا واُحذّر طلاّب العلوم الدينية الذين هم مثلي لم يصلوا إلى كمال العلم ، أن لا يسيئوا الظنّ أبداً بكبار علماء الدين ، إذ أنّ أقلّ جزاء لهذا العمل هو الحرمان من فيض علومهم.
هذا بالنسبة إلى تعظيم العلماء ورجال الدين ، ومن وقّر عالماً فقد وقّر ربّه ، وأمّا تعظيم الاُستاذ فله امتياز خاصّ ، فإنّ يشتدّ الاحترام بالنسبة إليه ، فإنّ من لم يحترم اُستاذه سلب منه بركة العلم ، ولا يوفّق في الدراسة.
فهذا الآخوند الخراساني صاحب الكفاية المحقّق الكبير لم يرتقِ المنبر للتدريس طيلة حياة اُستاذه الميرزا الكبير الشيرازي مع أنّ عمر الآخوند كان قد جاوز الخمسين ، وكان مجتهداً ويدرّس طلاّبه جالساً على الأرض.
وفي أوّل درس بعد وفاة الميرزا في سامراء ارتقى الآخوند المنبر وجلس في صدره وقال : قال الاُستاذ رحمه الله ، وأقول.
قالوا : وقد كان لهذه ال (أقول) دويّ في المحافل العلميّة في النجف الأشرف.
وكان بعد وفاة اُستاذه يقدّم ولده الميرزا علي على نفسه ، فلمّـا سُئل عن سبب ذلك؟ قال : هذا ابن اُستاذي واحترامه واجب عليّ ـ وذلك من باب يحفظ المرء في ولده ـ.
__________________
١ ـ الذنوب الكبيرة ٢ : ٣٥.