عيوبه إن كانت ، فإنّ ذلك أقرب إلى انتفاعه به ، ولقد كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدّق بشيء وقال : اللهمّ استر عيب معلّمي عنّي ، ولا تذهب ببركة علمه منّي.
وقال آخر : والله ما اجترأت أن أشرب الماء وشيخي ينظر إليَّ هيبةً له.
وقال حمدان الإصفهاني : كنت عند شريك ، فأتاه بعض أولاد الخليفة المهدي ، فاستند إلى الحائط وسأله عن حديث ، فلم يلتفت إليه وأقبل علينا ، ثمّ عاد ، فعاد شريك لمثل ذلك ، فقال : أتستخفّ بأولاد الخلفاء؟ قال : لا ، ولكنّ العلم أجلّ عند الله من أن اُضيّعه ، فجثا على ركبتيه ، فقال شريك : هكذا يطلب العلم.
وقد ذكرنا تفصيل هذا الأدب في ما مرّ ، وأتينا بشواهد من حياة علمائنا الأعلام.
٥ ـ أن يتواضع للاُستاذ زيادة على ما اُمر به من التواضع للعلماء وغيرهم ، ويعلم أنّ ذلّه لشيخه عزّ ، وخضوعه له فخر ، وتواضعه له رفعة ، وتعظيم حرمته مثوبة ، وخدمته شرف.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من علّم أحداً مسألة ملك رقّه. قيل : أيبيعه ويشتريه؟ قال : بل يأمره وينهاه.
٦ ـ أن لا ينكر عليه ، ولا يتآمر ولا يشر عليه بخلاف رأيه ، فيرى أنّه أعلم بالصواب منه ، بل ينقاد إليه في اُموره كلّها.
٧ ـ أن يبجّله في خطابه وجوابه ، في حضوره وغيبته ، ولا يخطابه بتاء الخطاب وكافه ولا يناديه من بعد ، بل يقول : يا سيّدي ، ويا مولاي ، وما شابه ذلك ، ويخاطبه بصيغ الجمع تعظيماً ، نحو : « ما تقولون في كذا » ، ولا يسمّيه في غيبته باسمه إلاّ مقروناً بما يشعر بتعظيمه.