بل نقل الطبرسي في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) أنّ ابن جنّي صرّح بأنّ معناه ؛ لا تفعلوا ما تؤثرونه وتتركوا ما أمركم الله ورسوله به ، وهذا معنى القراءة المشهورة ، أي لا تقدِّموا أمرا على ما أمركم الله به (١).
هذا ، إلى غيرها من الآيات الكريمة التي لوّحت أو صرحت بما لايقبل الشك بوجود هذه الفئة في المجتمع الإسلامي في صدر الرسالة الإسلامية ، وإذا لوحظت تلك الآيات وأسباب النزول عُلم أنّ تلك الفئة غير قليلة وذلك الاتجاه كان كبيراً كماً وكيفاً ، بحيث شغل حيزاً كبيراً من تفكير المسلمين.
ولم يقتصر الدلالات على القرآن الكريم فقط ، بل صرحت السنة النبوية المباركة قولاً وعملاً بوجود هذا الاتجاه وانتقدته وفندّته ـ أيّما انتقاد وتفنيد ـ لأنّ تلك الفئة لم تحدّد عملها واجتهادها في كلام النبي وإنّما راحت تتعداه إلى القرآن الكريم.
فلذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله لبعض أصحابه : ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض ؟! بهذا هلك مَن كان قبلكم (٢). وفي نص آخر أنّه صلىاللهعليهوآله قال : أيُتلعّب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟! (٣) وفي نص ثالث قال صلىاللهعليهوآله : أبهذا أُمرتم أو لهذا خُلقتم ؟ أن تضربوا كتاب الله بعضا ببعض ، انظروا ما أُمرتم به
______________________________
(١) مجمع البيان ٥ : ١٢٩.
(٢) كنزل العمال ١ : ١٩٣ / ح ٩٧٧.
(٣) كنز العمال ١ : ١٧٥ عن مسلم.