فاتبعوه ، وما نُهيتم عنه فانتهوا (١).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد حذّر أصحابه من هذا التهافت المقيت في تعاملهم مع النصوص القرآنية والنبوية ؛ إذ الإيمان بالله ورسوله يقتضي التسليم والانقياد لما يقوله الله ويأمر به الرسول صلىاللهعليهوآله ، فعدم التسليم بقدسية النبي صلىاللهعليهوآله وأقواله وأفعاله يتقاطع مع الإيمان المطلق بالله والرسول.
لقد حذّر الله من عواقب هذا النوع من التفكير ، وأنبأَ أنّه سينجرّ إلى ( الفتنة ) ، فعن الزبير بن العوام ـ في تفسير قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ ... ـ إلى قوله ـ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ) (٢) ـ قال : لقد قرأنا هذه الآية زماناً وما أرانا من أهلها ، فإذا تحن المعنيّون بها (٣).
وقال السدي : نزلت في أهل بدر خاصة ، فأصابتهم يوم الجمل (٤).
وبما أنّ ولادة مثل هذا الفكر في مجتمع حديث عهد بالإسلام أمرٌ يوافق سيرة التاريخ وإخبارات القرآن عن سنن الأمم الماضية ، راح الشارع
______________________________
(١) مسند أحمد ٢ : ١٩٦ ، ومسند أبي يعلى ٥ : ٤٢٩ / ح ٣١٢١ ، وكنز العمال ١ : ٣٨٣ / ح ١٦٦١. وفي سنن النسائي ٦ : ١٤٢ / ح ٣٤٠١ بسنده عن محمود بن لبيد ، قا : أُخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله عن رجل طلَّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام غضباناً ثمّ قال : أَيُلعَبُ بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟! حتى قام رجل وقال : يا رسول الله ، ألا أقتله ؟!
(٢) الانفال : ٢٤ ـ ٢٥.
(٣) تفسير ابن كثير ٢ : ٤٨٨ ـ ٤٨٩.
(٤) تفسير ابن كثير ٢ : ٤٨٨ ـ ٤٨٩.