ويعني الانخراط في سلك الاجتهاد بالرأي ، وذلك ما لا يقرّه عليّ بن أبي طالب ـ تبعاً لرسول الله والقرآن المجيد كما بيّنّا ذلك ـ لأنّه يضفي الشرعية على تلك الفكرة المستحدثة.
ولا يخفى أنّ عبدالرحمن بن عوف كان يبغي من هذا الشرط إلزام عثمان بن عفّان بالعمل طبق اجتهادات الشيخين ، وحصر دائرة الشرعيّة بهما دون سواهما ، إلاّ أنّ الواقع الذي حصل من بَعْدُ كانَ خلاف ما أراد الشيخان وابن عوف ، لأنّ فكرة الاجتهاد فنسها تأبى هذا التأطير الذي لا يمتلك القوة الإقناعية لهذا الحصر المراد.
فإنّ تشريع سنّة الشيخين ـ طبق الاجتهاد ـ والارتقاء بها إلى صف السنة النبوية ، جاء لتطبيق ما سُنّ على عهدهما من آراء ، والذهاب إلى شرعيتها ، وعدم السماح للآخرين بمخالفتها ، وعثمان كان يعتقد بأنّه لايقلّ عن الشيخين بشيء ، فما هو المبرر لتمسّكه بسيرتهما دون أن يجعل لنفسه سيرة واجتهادات خاصة ؟!
لقد سار عثمان على سيرة الشيخين مدّة من
الزمن ، حتّى إذا أراد الاستقلال بالرؤية وجعل نفسه ثالثةَ الأثافي في أعلام مدرسة الاجتهاد ، انتقضت عليه الأطراف وتعالت صرخات الاحتجاج ، لأنّ اجتهاداته وسّعت الدائرة الأولى فأخرجت عثمان عن العهد الذي التزم به وقطعه على نفسه ، كما أخرجت الاجتهاد عمّا أريد له من تأطير وحصر ، وبذلك اكتملت حلقات الاجتهاد والرأي عند الشيخين حتّى بلغت أوجها عند عثمان مما حدا بالصحابة أن يصفونه ويصمونه بتحريف الدين وتقويضه ، ثمّ