بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسلام على محمّد وآله الطّيبين الطّاهرين.
وبعد ، فإنّ هذا الكتيّب الماثل بين يدك عزيزي القارئ هو الأوّل من سلسلة « بحوث في الوضوء النبوي » ، وهو خلاصةٌ لبحث ضخم تناول فيه مؤلفه العلاّمة المحقق السيّد علي الشهرستاني من الزاوية التاريخية وملابسات الأحداث ، سرّ الإختلاف الواقع بين المسلمين اليوم في الوضوء النبوي ، مع أنّ المفروض أن لا يقع مثل هذا الاختلاف في مفردة مثل الوضوء الذي نصّ عليه القرآن المجيد بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (١) ، كما أنّ الرسول الأكرم محمّداً صلىاللهعليهوآله بيّن أحكامه وفروضه وكيفيته ونواقضه وموجباته أحسن بيان ، ومارَسَ صلىاللهعليهوآله فعله أمام أنظار المسلمين مدة مديدة من حياته الشريفة ، كما مارسه المسلمون بتعليمه صلىاللهعليهوآله.
وخلال مراحل من البحث فقد عثر المؤلف على نصّين في أنّ الاختلاف في الوضوء وقع في عهد عثمان بن عفّان ، وأكّد بأنّ السبر التاريخي دلّ على عدم وجود اختلاف في الوضوء قبل هذا الزمان ، لا في زمان رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا في عهد الشيخين.
بعد ذلك تبين له أنّ عثمان بن عفّان كان هو البادئ بالخلاف ، الطارح لفكرة الوضوء الجديد ، وذلك من خلال اختلافه مع كبار الصحابة في كثير من الأحكام الفقهية ، مضافاً إلى اختلافه معهم في الأحكام السياسية
______________________________
(١) المائدة : ٦.