يتوضؤون من المطهرة ، فقال : أسبغوا الوضوء ، فإنّي سمعت أبالقاسم يقول : « ويل للعراقيب من النار » (١).
وقد مثّل غير واحد من العلماء (٢) للإدراج بحديث أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله « أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار » لكونهما لم يصدرا على هذا النسق من النبي صلىاللهعليهوآله ، وهذا يدلنا على أنّ أبا هريرة كان يريد الاستفادة ـ كعائشة ـ من « الويل للأعقاب » أو ( العراقيب ) للتدليل على الوضوء الغسلي العثماني.
ويتضح ذلك بجلاء فيما اخرجه عبدالرزاق ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : لِمَ لا أمسح بالقدمين كما أمسح بالرأس ، وقد قالهما جميعاً ؟ (٣)
قال : لا أراه إلاّ مسح الرأس وغسل القدمين ، إنّي سمعت أبا هريرة يقول : ويل للأعقاب من النار.
قال عطاء : وإنّ أناساً ليقولون هو المسح ، وأمّا أنا فأغسلهما (٤).
فها هو يستدل على الغسل بقول أبي هريرة « ويل للأعقاب » ، وهذا
______________________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٢١٤ ـ ٢١٥ / ح ٢٩.
(٢) الحديث المُدْرَج هو ما كانت فيه زيادة ليست منه ، وهو نوعان : إدراج في الإسناد ، وإدراج في المتن ... وإدراج المتن يكون في أول الحديث مثل حديث أبي هريرة « أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار » ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يقلهما معاً في آن واحد بهذا النسق ، بل كلٌّ منهما له مورده الخاص ، لكنّ أبا هريرة أدرج القسم الأوّل في الثاني. ولا يجوز تعمّد شيء من الإدراج. انظر مقدمة ابن الصلاح : ٧٦ ، وتديب الراوي : ٨٠ ، وأضواء على السنة المحمدية : ١٤٠.
(٣) يعني أن القرآن قالهما معاً.
(٤) المصنف لعبدالرزاق ١ : ٢٠ / ح ٥٨.