نفعها لتثبيت أركان الحكم الأموي وعلى رأسه أفكار عثمان ، والّذي يهمنا هو تبنّيه لفقه عثمان ، وتأثير ذلك على الوضوء.
لقد سار الفقه الأموي على خطى عثمان ، فراح يستفيد من « أسبغ الوضوء » و « ويل للأعقاب من النار » لترسيخ الوضوء العثماني.
١ ـ فقد دخل عبدالرحمن بن أبي بكر على عائشة يوم توفّي سعد بن أبي وقاص [ سنة ٥٥ ه ] فتوضأ عندها ، فقالت له : يا عبد الرحمن ، أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ويل للأعقاب من النار (١).
فلاحظ كيف عدلت عائشة عن قول النبي صلىاللهعليهوآله « أسبغوا الوضوء » ـ مع أنّ المقام يقتضي الاستدلال به (٢) إلى الاستدلال بـ « ويل للأعقاب من النار » ، وهذا العدول يكمن وراءه ادّعاء أم المؤمنين ـ ومن ورائها الأمويون ، وعثمان من قبل ـ دلالةَ « ويل للأعقاب » على الوضوء الغسلي ، كما ترسّخ ذلك الفهم حتّى اليوم عند أتباع مدرسة الاجتهاد والرأي.
ومحصّل الكلام أنّ هذا النصّ يوقفنا على الاختلاف بين وضوء عبدالرحمن والوضوء الذي أرادته أم المؤمنين عائشة ، وحيث عرفنا أن عائشة بقولها السابق أرادت التدليل على الغسل ، عرفنا من مفهوم المخالفة أن عبدالرحمن كان يذهب إلى المسح على القدمين.
وجاء أبو هريرة ليصنع نفس صنيع أمِّ المؤمنين ، وذلك أنّه رأى قوماً
______________________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٢١٣ / ح ٢٥ ، الموطأ ١ : ١٩ / ح ٥ ، شرح معاني الآثار ١ : ٣٨ / ح ١٨٨.
(٢) لكونها قد قالت : يا عبدالرحمن أسبغِ الوضوء.