بطونهما وظهورهما وعراقيبهما... فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج ، قال تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (١).
وهذا ـ الإعلان و ـ الاستدلال من الحجّاج يدلّ على تبني الأمويين للوضوء العثماني من جهة ، كما يدلّ على تحكيم الاجتهاد والرأي في الوضوء في جهة مقابلة تماماً لوضوء النبي والإمام علي ، ففي حين يؤكد علي بن أبي طالب على أنّ الوضوء لو كان بالرأي لكان باطن القدمين أحقّ بالمسح من ظاهرهما ، لكنه رأى النبي صلىاللهعليهوآله مَسَحَ ظهورَهما ، يأتي الحجّاج فيعارضه ويعارض القرآن ، مصرّحاً بأنّه لابدّ من غسل باطنهما وظهورهما وعراقبيهما ، بحجّة كونهما أقرب للخبث !!
وبعد هذا لا يبقى مجال للشك في تبنّي الأمويين للوضوء العثماني ، وانتهاجهم نفس نهجه واستدلالهم بنفس استدلالاته ، مع تطويرها وإشاعتها بلآراء والتأويلات والاجتهادات والدلالات البعيدة ، وهذا ما يؤكّد عدم أصالة ذلك الوضوء وعدم تلقّيهم إياه عن النبي صلىاللهعليهوآله.
ومبالغةً في تثبيت الوضوء المدّعى نسبوا إلى أعلام الماسحين كالإمام عليّ وابن عباس وأنس أنّهم كانوا يثلّثون الغسلات ، أو يغسلون الأرجل ، أو ... ليبعدوا عن أنفسهم شبهة الابتداع. وقاموا في هذا السبيل أيضاً بمنع التدوين ، حتّى جاء عمر بن عبدالعزيز ليأمر بتدوين تلك الاحاديث وليعمِّم كتاباً إلى الآفاق يأمرهم فيه بالأخذ عن ابن شهاب الزهري ؛ معلّلاً
______________________________
(١) تفسير الطبري ٦ : ٨٢. وانظر : تفسير ابن كثير ٢ : ٤٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٩٢ ، الدر المنثور ٢ : ٢٦٢ ، تفسير الخازن ١ : ٤٣٥.