ذلك بأنّهم لا يجدون أعلم منه (١) ، وقد سخّروا رجاء بن حيوة ـ المعدود من أفقه فقهاء الشام ـ ليرشد الناس ويفتيهم بآراء عبدالملك بن مروان (٢) ، ومثله جاء عن عبدالله بن عمر (٣) ودفعه الناس للأخذ عن عبد الملك.
وكان أبو هريرة من الداعين للسكوت عن ظلم الأمويين (٤) ، وكانت عائشة أفقه الناس وأحسنهم رأياً في العامّة (٥) ووو
كل هذا جاء لتضعيف معالم فقه التعبد المحض ، ولتحريف الوضوء النبوي ، من أجله رأينا ازدياد عدد المؤيّدين لوضوء الدولة في هذه الحقبة بعد أن كانت الكفّة في زمان عثمان وقبله راجحة للوضوء الثنائي المسحي ، ولكن بقي ـ رغم كل جهود الدولة الأموية ـ تابعون للنبي صلىاللهعليهوآله قائلون بالوضوء المسحي ، من أمثال : عروة بن الزبير ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، وعكرمة ، وعلقمة بن قيس ، والإمام الباقر ،
______________________________
(١) ستقف في الاصدار الثاني من هذه السلسلة « وضوء عثمان بن عفان من النشأة الى الانتشار » على سبب ذلك.
(٢) اُنظر : تهذيب الكمال ٩ : ١٥٤. ففيه قول سعيد بن جبير : كان رجاء بن حيوة يُعَدّ من أفقه فقهاء الشام ، ولكن إذا حرّكته وجدته شاميّاً [ أي أمويّاً ] يقول : قضى عبدالملك بن مروان بكذا وكذا.
(٣) اُنظر : تهذيب التهذيب ٦ : ٤٢٢ ، تهذيب الكمال ١٨ : ٤١٠ ، تاريخ بغداد ١٠ : ٣٨٩ ، المنتظم ٦ : ٣٩. إذ قيل لعبدالله بن عمر : مَن نسأل بعدكم ؟ قال : إنّ لمروان ابناً فقيهاً فَسَلُوهُ.
(٤) اُنظر : كتاب الأموال : ٤١٢ ، والشعر والشعراء : ٣٩٢.
(٥) المستدرك على الصحيحين ٤ : ١٤ وقائل هذا القول هو عطاء بن أبي رباح ، الذي قطعت يده مع عبدالله بن الزبير ، وقد أمر بنو أميّة صائحاً يصيح : لا يفتي الناس إلاّ عطاء !! انظر : تهذيب التهذيب ٧ : ١٨١.