فعالج الموقف علاجاً حكيماً يُنجي صاحبَه من القتل !
والذي يتضح هنا هو اتخاذ المنصور هذه المفردة الوضوئية كرقم يدل على متابعة مدرسة التعبد المحض والتحديث ، وهي مدرسة جعفر بن محمد الصادق ، وكان هذا الرقم كافياً كاف لقتل من يؤمن به.
وكان نفس هذا المسلك عند المهدي العباسي ، فإنه كان يريد معرفة المخترقين لجدار سلطته عبر الوضوء النبوي الصحيح ، وكان داود بن زربي أيضاً محطَّ النظر في قضية الوضوء ، ممّا يعني أنّ الجواسيس كانوا يؤكّدون على مفردة الوضوة الثنائي المسحي أيضاً في معرفة المخالفين للسلطة العباسية ولمدرسة الاجتهاد والرأي.
فعن داود بن زربي قال : سألت الصادق عن الوضوء ، فقال لي : « توضأ ثلاثاً ثلاثاً ».
ثمّ قال لي : أليس تشهد بغداد وعساكرهم ؟!
قلت : بلى.
قال داود : فكنت يوماً أتوضأ في دار المهدي ، فرآني بعضهم وأنا لا أعلم به ، فقال : كذب من زعم أنك راقضي وأنت تتوضأ هذا الوضوء.
قال : فقلت : لهذا والله أمرني (١).
وهذا النص يؤكد استمرار النزاع الوضوئي ، وتأكيد الحكّام على
______________________________
(١) التهذيب ١ : ٨٢ / ح ٢١٤ ، الاستبصار ١ : ٧١ / ٢١٩.