علي بن أبي طالب فلم يرضَ بذلك الشرط الجديد الذي أُقحم في الشريعة ، والذي قرّروه دون نص من كتاب الله ولا برهان من سنة نبيّه ، وقد أيّدته جماعة كثيرة من كبار الصحابة فلم يرتضوا ذلك الشرط الجديد.
وذلك العهد الذي قطعة عثمان على نفسه بالتزامه بسيرة الشيخين أوقعه في محاذير ونزاعات وخصومات شديدة مع كبار الصحابة ، وفي مقدمتهم عبدالرحمن بن عوف ؛ لأنّ عبدالرحمن كان يرى الاقتصار على اجتهادات الشيخين دون غيرهما ، وعثمان كان يرى أنّ له حقَّ الاجتهاد كما كان للشيخين ، وأنّه ليس بأقل شأناً منهما ، وذلك ما دقّ بينهما عطرَ منشم ، فمات عبدالرحمن وهو لا يكلم عثمان.
وكان الصحابة ـ ومنهم علي بن أبي طالب ـ وطبقاً لقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : « الزموهم بما الزموا به أنفسهم » ، قد طالبوا عثمان بالوفاء بما ألزم به نفسه في يوم الشورى ، إلاّ أنّه كان يرى أنّه مبسوط اليد ، مطلق العنان في اجتهاداته وتصرّفاته الفقهية والعملية ، مما أنشب الخلاف بينه وبين الصحابة على أوسع آفاقه ، حتّى أودى بحياته أخيراً.
وقد أثّرت قاعدة « سيرة الشيخين » حتّى على خلافة علي بن أبي طالب مع أنّه لم يُلْزِمْ نفسه بها ، ولا أعطى عهداً بالعمل وفقها ، بل رفضها رفضاً قاطعاً في يوم الشورى (١) ، وعندما أتاه الناس للمبايعة ، بايعهم بشرط أن يحملهم على كتاب الله وما يعلم من سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فوافقوا بذلك ثمّ نقضوه في أماكن عدّة مثل صلاة التراويح وفدك (٢) وما إليهما ، إذ
______________________________
(١) راجع اخبار الشورى في تاريخ الطبري وغيره.
(٢) ففي الكافي ٨ : ٥٨
/ ح ٢١ بسنده عن سليم بن قيس في حديث طويل فيه :