لقد خاف زعماء قريش من ذلك الصوت ، وكأنما
سمعوا صيحة من السماء ، فأضطربت قلوبهم واخذت تخفق بشدّة. بعد التكبير ، ترجل النبي صلىاللهعليهوآله من الناقة ، ودخل
الكعبة كي يطهرها من رجز الاوثان ، فلا يجدر ببيت بُنيَ فيه الله ان يكون مأوىٰ الاثم ومركز الاصنام ، وكان علىٰ الرسول صلىاللهعليهوآله
ان يطهر البيت من تلك الاصنام والآلهه المصنوعة من الخشب أو الحجر. وقام الرسول صلىاللهعليهوآله بالاطاحة بالاصنام
الواحدة بعد الاُخرىٰ ، بعصاه ، وهو يقول : ( جَاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) (١). ( قُلْ جَاءَ الْحَقُّ
وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ )
(٢). أجل ، لقد انتهىٰ زمان الاصنام
وعبادتها ، انتهى عصر الانحناء والخضوع امام آلهة صنعت من معدن أو خشب علىٰ هيئة البشر ، لقد حان الوقت الذي يعبد فيه الناس الله سبحانه وتعالىٰ ، ويخرجوا من ذلّ عبادة هذه الاوثان ، الىٰ
عزّ عبادة رب العالمين. وبعد ان فرغ النبي صلىاللهعليهوآله من الاطاحة
بالاوثان ، توجه الىٰ اهل مكة ، فوجدهم قد اصطفوا مثل التماثيل التي صنعت من حجر ، وكأن علىٰ رؤوسهم الطير ، لا يتحركون ولا يحركون ساكناً ، ووجوهم المصفرة تعبر عن اضطرابهم الداخلي ( بعد ان شاهدوا قوة النبي صلىاللهعليهوآله ________________
(١) سورة الاسراء : ٨١.
(٢) سورة سبأ : ٤٩.