تريد الخروج من
حدقاتها من شدة الخوف ، كانوا غارقين في افكارهم ، ويتصورون المصير الذي ينتظرهم ، بعد تلك الحروب التي خاضوها ضد الرسول صلىاللهعليهوآله
والاذية التي آذوه ، لكنهم في نفس الوقت يرجون شيئاً من شخص الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله
، لأن اهل مكة يعرفون جيداً ، ان الرجل الذي دخل مكة اليوم ظافراً منتصراً ، هو محمد صلىاللهعليهوآله
ذو القلب العطوف والرحيم ، محمد صلىاللهعليهوآله
الذي من شيمه العفو عند المقدرة والصفح عمن اساء له ، محمد صلىاللهعليهوآله الذي لا يظلم حتىٰ اعتىٰ اعدائه واقساهم ، محمد صلىاللهعليهوآله ليس كالآخرين الذي
لا يفكرون عند انتصارهم سوىٰ بالانتقام ، فهو الذي وصفه الله سبحانه وتعالىٰ
في القرآن ، فقال : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )
(١) فلماذا لا يرجوا أهل مكة فيه الخير ؟!
ولماذا لا يمتزج خوفهم واضطرابهم بالامل ؟! لقد رأىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآله
ذلك الخوف والرجاء في وجوههم ، لكنه اراد ان يسمعه منهم ، فقال لهم : ماذا تقولون وتظنون ؟ فأجابه اهل مكة : نقول خيراً ونظن خيراً
، اخ كريم وابن اخ كريم وقد قدرت. كان جواب اهل مكة مزيج من الخوف والامل
، فعبارة « قد قدرت » استخدمت للتعبير عن الخوف ، لكن العبارات التي سبقت ذلك كانت مفعمة بالرجاء لكن كفة الامل والرجاء كانت تفوق احتمال الانتقام. ومن حقِّ أهل مكة ان يأملوا العفو
والمسح من مثل ذلك الرجل العظيم ، ________________
(١) سورة الانبياء : ١٠٧.