لأنه لو كان يريد الانتقام منهم ، لما اعطىٰ أبا سفيان الامان ، وجعل بيته مأمناً لأهل مكة ، فلماذا لا يأملوا بعد ذلك ، في حين ان ابا سفيان في خارج مكة عندما التقىٰ برسول الله صلىاللهعليهوآله وبعد ان شاهد جيش المسلمين وهو واقف مع العباس عمّ النبي صلىاللهعليهوآله ، كان قد سمع سعد بن عباد رئيس قبيلة الخزرج ، يقول بصوت عال :
اليوم يوم الملحمة ، اليوم تسبىٰ الحرمة ، اليوم تذل قريش.
فخاف أبو سفيان بعد سماعة ذلك الكلام ، واخبر الرسول صلىاللهعليهوآله بذلك ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تخف يا ابا سفيان ، سعد مخطيء ، اليوم يوم المرحمة ، اليوم تصان الحرمة ، اليوم تعزّ قريش.
ألم يكن اهل مكة محقّون في رجائهم ؟ لذلك اجابوا الرسول صلىاللهعليهوآله وقالوا : نقول خيراً ونظن خيراً.
أما النبي صلىاللهعليهوآله ، فعندما سمع جوابهم ذلك ، اغرورقت عيناه المباركة بالدمع ، وعندما رأىٰ ذلك أهل مكة تجلت امام اعينهم جميع اعمالهم السيئة السابقة ، فتذكروا التهم التي كالوها له ، والسباب والرمي بالحجارة والحصار في شعب ابي طالب ومهاجمة بيته ليلاً لقتله واجباره علىٰ ترك وطنه الىٰ يثرب ، ومئات الاعمال الاخرىٰ التي جعلتهم يقفون ذلك الموقف النادم اليوم ، وشاهدوا ايضاً ذلك الرسول صلىاللهعليهوآله الذي قاسىٰ ماقاساه منهم ، لكنه يقف اليوم ويعاملهم بلطف ورأفة وهو المنتصر والفاتح الذي يستطيع الانتقام.
فالخجل الذي اعتراهم من مواقفهم تلك من
جهة ، والرأفة والحب الذي شاهدوه من النبي صلىاللهعليهوآله
من جهة اخرىٰ ، اهاجتهم وجعلت اصواتهم ترتفع