بالبكاء ، لقد كان
الجميع يذرفون الدموع ، النادمون من سوء اعمالهم ، والمنتصرون الذين عادوا الىٰ وطنهم وحرروا قبلتهم ، حتىٰ النبي صلىاللهعليهوآله كان يذرف الدمع ، وبعد لحظات من تلك الحالة ، قال لهم الرسول صلىاللهعليهوآله : سأقول لكم ما قاله أخي يوسف عليهالسلام
لأخوته الذين غدروا به : ( قَالَ لَا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (١). صحيح انكم لم تنظروا فيّ انكم قومي
وعشيرتي ، فأستبحتم ايذائي والوقوف بوجهي ، ولكن لا تخافوا « اذهبوا فأنتم الطلقاء » ، ولا يحق لاحد ان يتعرض لكم ولأموالكم. وبهذه الكلمات المتقطبة ، خطّ علىٰ
اعمالهم السيئة وغفر لهم اخطاء عشرين سنة بحقه. أي واحدة من معجزات النبي صلىاللهعليهوآله تستطيع ان تسخر
قلوب اعتىٰ الاعداء مثل هذا الحدّ الذي يفوق تصور البشر ؟ ألم يكن هؤلاء الناس ، هم انفسهم الذين شاهدوا اكبر المعجزات علىٰ مدىٰ عشرين سنة ولم يأمنوا
ولم تتغير نفوسهم ، بل كلما جاءهم الرسول صلىاللهعليهوآله
بمعجزة وآية جديدة ، كانوا يزدادون غضباً وغيضاً وتتحد صفوفهم اكثر في عدائه ، في حين ان العفو العام الذي أعلنه الرسول صلىاللهعليهوآله
وهو في الحقيقة من معجزاته الاخلاقية التي ليس لها ________________اصدقائي الاعزاء !
(١) سورة يوسف : ٩٢.