لفظ الزكاة.
بل آية الزكاة أعني قوله تعالى : « خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ » : التوبة : ١٠٣ ، تدل على أن الزكاة من أفراد الصدقة ، وإنما سميت زكاة لكون الصدقة مطهرة مزكية مطلقا ، وقد غلب استعمالها في الصدقة المصطلحة.
فتبين من جميع ما ذكرنا أنه لا مانع من تسمية مطلق الصدقة والإنفاق في سبيل الله زكاة ، وتبين أيضا أن لا موجب لارتكاب خلاف الظاهر بحمل الركوع على معناه المجازي ، وكذا ارتكاب التوجيه في قوله « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » حيث أتى باسم إن (وَلِيُّكُمُ) مفردا وبقوله « الَّذِينَ آمَنُوا » وهو خبر بالعطف بصيغة الجمع ، هذا.
قوله تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » قال الراغب في المفردات : الولاء (بفتح الواو) والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما ، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد ، والولاية النصرة ، والولاية تولي الأمر ، وقيل : الولاية والولاية (بالفتح والكسر) واحدة نحو الدلالة والدلالة وحقيقته تولي الأمر ، والولي والمولى يستعملان في ذلك ، كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالي (بكسر اللام) ومعنى المفعول أي الموالي (بفتح اللام) يقال للمؤمن : هو ولي الله عز وجل ولم يرد مولاه ، وقد يقال : الله ولي المؤمنين ومولاهم.
قال : وقولهم : تولى إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه يقال : وليت سمعي كذا ، ووليت عيني كذا ، ووليت وجهي كذا أقبلت به عليه قال الله عز وجل : « فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ » وإذا عدي بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه. انتهى.
والظاهر أن القرب الكذائي المعبر عنه بالولاية ، أول ما اعتبره الإنسان إنما اعتبره في الأجسام وأمكنتها وأزمنتها ثم أستعير لأقسام القرب المعنوية بالعكس مما