ويوجد في اللغات نوع آخر من جعل الربط يقابل القسم وهو ربط الخبر مثلا بما لا قيمة له ولا شرافة عند المخبر ليدل بذلك على الاستهانة بما يخبر به أو بلغه من الخبر ويعد نوعا من الشتم وهو في اللغة العربية نادر جدا.
والحلف واليمين ـ فيما نعلم ـ من العادات الدائرة في ألسنة الناس الموروثة جيلا بعد جيل ، ولا يختص بلغة دون لغة ، وهو الدليل على أنه ليس من الشئون اللغوية اللفظية بل إنما يهدي الإنسان إليه حياته الاجتماعية في موارد يتنبه على وجوب الالتجاء إليه والاستفادة منه.
ولم تزل اليمين دائرا بين الأمم ربما يبنى عليه ويركن إليه في موارد متفرقة غير مضبوطة تحدث في مجتمعاتهم لأغراض متنوعة لدفع التهمة ورفع الفرية وتطييب النفس وتأييد الخبر حتى اعتنى بأمره القوانين المدنية وأعطتها وجهة قانونية في بعض من الموارد كحلف الرؤساء وأولياء الأمور عند تقلد المناصب الهامة وإشغال المقامات العظيمة العالية وغير ذلك.
وقد اعتنى الإسلام بشأن اليمين اعتناء تاما إذا وقع على الله سبحانه خاصة ، وليس ذلك إلا في ظل العناية برعاية حرمة المقام الربوبي ووقاية ساحته تعالى أن يواجه بما يأباه ناموس الربوبية والعبودية ، ولذلك وضعت كفارة خاصة عند حنث اليمين ، وكره الإكثار من الحلف بالله عز شأنه ، قال تعالى : « (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) ، » الآية : المائدة : ٨٩ وقال تعالى : « وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ » : البقرة : ٢٢٤.
واعتبر اليمين في موارد من القضاء خلت عن البينة ، قال تعالى : « فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا » الآية : « المائدة : ١٠٧ » ومن كلامه صلىاللهعليهوآله : البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
وحقيقة اعتبار اليمين الاكتفاء بدلالة نفس الإيمان فيما لا دليل سواه ، وذلك أن المجتمع الديني مبني على إيمان الأفراد بالله ، والإنسان المؤمن هو الجزء من هذا المركب المؤلف ، وهو المنبع الذي ينبع منه السنن المتبعة والأحكام الجارية ، وبالجملة