الدينية الموجودة عند المجتمع فحسب بل عليها وعلى النواميس الحديثة جميعا.
غير أن الله سبحانه لا ينسخ أحكامه ولا يغمض عن شرائعه بتولي الناس عنها وسأمهم منها ؛ وأن الدين عند الله الإسلام ولا يرضى لعباده الكفر ، ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ، وإنما الإسلام دين متعرض لجميع شئون الحياة الإنسانية شارح لها مبين لأحكامها ذو أجزاء متلائمة متناسبة متلازمة تعيش بروح التوحيد الواحد إذا اعتل بعض أجزائه اعتل الجميع ، وإذا فسد بعضها أثر ذلك في عمل الجميع كالواحد من الإنسان بعينه.
فإذا فسد بعض أجزائه أو اعتل كان من الواجب إبقاء السالم منها على سلامته وعلاج المعتل وإصلاح الفاسد ، ولم يكن من الجائز إبقاء المعتل على علته والفاسد على فساده ، والإعراض عن السالم.
والإسلام وإن كان ملة حنيفية سهلة سمحة ذات مراتب مختلفة وسيعة يقدر تكاليفه على قدر ما يستطاع من إتيانها وإجرائها ، يتمدد حبلها الموصول من حالة اجتماعية آمنة تتضمن شرائعها وقوانينها جمعاء من غير استثناء إلى حالة انفرادية اضطرارية تكتفى فيها من الصلاة بالإشارة لكن التنزل من مرتبة من مراتبها إلى ما هي دونها مشروطة بالاضطرار النافي للتكليف والمبيح للتوسع ، قال تعالى : « (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ـ إلى أن قال ـ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) » : « النحل : ١١٠ ».
وأما بناء الحياة على التمتع المادي ثم التعلل في رفض ما يناقضه من المواد الدينية بأنه لا يوافق السنة الجارية في الدنيا الحاضرة فإنه جري على المنطق المادي دون منطق الدين.
ومن البحث المتعلق بهذا الباب ما في قول بعض : (إن الحلف بغير الله من الشرك بالله) فينبغي أن يستفهم هذا القائل ما ذا يريد بهذا الشرك الذي ذكره؟.
فإن أراد به أن في اليمين بغير الله إعظاما للمقسم به وإجلالا لأمره لابتناء معنى القسم على ذلك ففيه نوع خضوع وعبادة له وهو الشرك فما كل إعظام شركا إلا إعطاء عظمة الربوبية المستقلة التي يستغني بها عن غيره.