العقاب. وهو وجه سخيف على سخافته لا يغني طائلا.
وقوله : « فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين » تفريع على تحقق الاعتراف من الطائفتين جميعا على حقية ما وعده الله سبحانه ، والاذان هو قوله : « لعنة الله على الظالمين » وهو إعلام عام للفريقين ـ والدليل عليه ظاهر قوله : « بينهم » بقضاء اللعنة وهي الابعاد والطرد من الرحمة الإلهية على الظالمين وقد فسر الظالمين الذين ضربت عليهم باللعنة بقوله : « الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون » فهم الكافرون المنكرون للآخرة الذين يصدون عن سبيل الله محرفة منحرفة ، ويصرفون غيرهم عن سلوك الصراط المستقيم فهؤلاء هم المعاندون للحق المنكرون للمعاد.
وهذا الوصف يشمل جميع المعاندين للحق الكافرين بالجزاء حتى المنكرين للصانع الذين لا يدينون بدين فإن الله سبحانه يذكر في كتابه أن دينه وسبيله الذي يهدي إليه وبه هو سبيل الانسانية الذي تدعو إليه الفطرة الانسانية والخلقة خص بها الانسان ليس وراءه إسلام ولا دين.
فالسبيل الذي يسلكه الانسان في حياته هو سبيل الله وصراطه وهو الدين الإلهي فإن سلكه على استقامة ما تدعو إليه الفطرة وهو الذي يسوقه إلى سعادته كان هو الصراط المستقيم والاسلام الذي هو الدين عند الله وسبيل الله الذي لا عوج فيه ، وإن سلك غير ذلك سواء كان فيه إذعان بالوهية وعبادة لمعبود كالملل والأديان الباطلة أو لم يكن فيه خضوع لشئ وعبادة لمعبود كالمادية المحضة فهو سلوك يبغون فيه سبيل الله عوجا وهو الاسلام محرفا عن وجهه ، ونعمة الله التي بدلت كفرا ، فافهم ذلك.
وقد أبهم الله هذا الذي يخبر عنه بقوله : « فأذن مؤذن بينهم » ولم يعرفه من هو؟ أمن الانس أم من الجن أم من الملائكة؟ لكن الذي يقتضيه التدبر في كلامه تعالى أن يكون هذا المؤذن من البشر لا من الجن لا من الملائكة : أما الجن فلم يذكر في شئ من تضاعيف كلامه تعالى أن يتصدى الجن شيئا من التوسط في أمر الانسان من لدن وروده في عالم الآخرة وهو حين نزول الموت إلى أن يستقر في جنة أو نار فيختم أمره فلا موجب لاحتمال كونه من الجن.
وأما الملائكة فإنهم وسائط لأمر الله وحملة لإرادته بأيديهم إنفاذ الأوامر الإلهية ،