يظهر به الأشياء.
وقوله عليهالسلام : فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين « إلخ » يريد أن هذا المقام هو المقام الذي ينشأ منه تدبير نظام السعادة الذي وقع فيه مجتمع المؤمنين وتسير عليه قافلتهم في مسيرهم إلى الله سبحانه ، وينشأ منه نظام الشقاء الذي ينبسط على جميع المعاندين أعداء الله الجاهلين بمقام ربهم بل المقام الذي ينشأ منه النظام العالمي العام الذي يعيش تحته كل ذي وجود ، ويسير به سائرهم للتقرب إليه بأعمالهم وسننهم سواء علموا بما هم فيه من ابتغاء الوسيلة إليه تعالى أو جهلوا.
وقوله عليهالسلام : « وهو حياة كل شيء ونور كل شيء » كالتعليل المبين لقوله قبله فكل شيء محمول يحمله الله إلى آخر ما قال. ومحصله أنه تعالى هو الذي به يوجد كل شيء ، وهو الذي يدرك كل شيء فيظهر به طريقه الخاص به في مسير وجوده ظهور الطريق المظلم لسائره بواسطة النور فهي لا تملك لأنفسها شيئا بل الله سبحانه هو المالك لها الحامل لوجودها.
وقوله عليهالسلام : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت « إلخ » يريد أن الله سبحانه لما كان مقوما لوجود كل شيء حافظا وحاملا له لم يكن محل من المحال خاليا عنه ، ولا هو مختصا بمكان دون مكان ، وكان معنى كونه في مكان أو مع شيء ذي مكان أنه تعالى حافظ له وحامل لوجوده ومحيط به ، وهو وكذا غيره محفوظ بحفظه تعالى ومحمول ومحاط له.
وهذا يئول إلى علمه الفعلي بالأشياء ، ونعني به أن كل شيء حاضر عنده تعالى غير محجوب عنه ، ولذلك قال عليهالسلام أولا : « فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى » فأشار إلى الإحاطة ثم عقبه بقوله : « وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى » فأشار إلى العلم فأنتج ذلك أن الكرسي ويعني به العرش مقام الإحاطة والتدبير والحفظ ، وأنه مقام العلم والحضور بعينه ، ثم طبقه على قوله تعالى : « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ » الآية.
وقوله عليهالسلام : « وليس يخرج عن هذه الأربعة شيء خلق الله في ملكوته » كأنه إشارة إلى الألوان الأربعة المذكورة في أول كلامه عليهالسلام وسيجيء كلام فيها في أحاديث المعراج إن شاء الله.