إلى لباس الباطن الذي يواري السوآت الباطنية التي يسوء الإنسان ظهورها وهي رذائل المعاصي من الشرك وغيره ، وهذا اللباس هو التقوى الذي أمر الله به.
وذلك أن الذي يصيب الإنسان من ألم المساءة وذلة الهوان من ظهور سواته روحي من سنخ واحد في السوآتين إلا أن ألم ظهور السوآت الباطنية أشد وأمر وأبقى فالمحاسب هو الله ، والتبعة شقوة لازمة ، ونار تطلع على الأفئدة ، ولذلك كان لباس التقوى خيرا من لباس الظاهر.
وللإشارة إلى هذا المعنى وتتميم الفائدة عقب الكلام بقوله : « ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ » فاللباس الذي اهتدى إليه الإنسان ليرفع به حاجته إلى مواراة سواته التي يسوؤه ظهورها آية إلهية إن تأمله الإنسان وتبصر به تذكر أن له سوآت باطنية تسوؤه إن ظهرت وهي رذائل النفس ، وسترها عليه أوجب وألزم من ستر السوآت الظاهرية بلباس الظاهر واللباس الذي يسترها ويرفع حاجة الإنسان الضرورية هو لباس التقوى الذي أمر الله به وبينه بلسان أنبيائه.
وفي تفسير لباس التقوى أقوال أخر مأثورة عن المفسرين ، فقيل : هو الإيمان والعمل الصالح ، وقيل : هو حسن السمت الظاهر ، وقيل : هو الحياء ، وقيل : هو لباس النسك والتواضع كلبس الصوف والخشن ، وقيل : هو الإسلام ، وقيل : هو لباس الحرب ، وقيل : هو ما يستر العورة ، وقيل : هو خشية الله ، وقيل : هو ما ما يلبسه المتقون يوم القيامة هو خير من لباس الدنيا ، وأنت ترى أن شيئا من هذه الأقوال لا ينطبق على السياق ذلك الانطباق.
قوله تعالى : « يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ » إلى آخر الآية. الكلام وإن كان مفصولا عما قبله بتصديره بخطاب « يا بَنِي آدَمَ » إلا أنه بحسب المعنى من تتمة المفاد السابق ، ولذا أعاد ذكر السوآت ثانيا فيرجع المعنى إلى أن لكم معاشر الآدميين سوآت لا يسترها إلا لباس التقوى الذي ألبسناكموه بحسب الفطرة التي فطرناكم عليها فإياكم أن يفتنكم الشيطان فينزع عنكم ذلك كما نزع لباس أبويكم في الجنة ليريهما سوآتهما فإنا جعلنا الشياطين أولياء لمن تبعهم ولم يؤمن بآياتنا.
ومن هنا يظهر أن ما صنعه إبليس بهما في الجنة من نزع لباسهما ليريهما سوآتهما