به إلى انتزاع خطابات خاصة يوجهها إلى أمته كما جرى نظيره من الالتفات في الخطاب المتقدم يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا حيث قال : « ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ » لنظير الغرض.
وبالجملة فقد استخرج من هذا الأصل الثابت في قصة الجنة وهو أمر ظهور السوآت الذي أفضى إلى خروج آدم وزوجته من الجنة أن الله لا يرضى بالفحشاء الشنيعة من أفعال بني آدم ، فذكر إتيان المشركين بالفحشاء واستنادهم في ذلك إلى عمل آبائهم وأمر الله سبحانه بها فأمر رسوله صلىاللهعليهوآله أن يرد عليهم بأن الله لا يأمر بالفحشاء ، ويذكرهم أن ذلك من القول على الله بغير علم والافتراء عليه ، كيف لا؟ وقصة الجنة شاهدة عليه.
وقد ذكر لهم في فعلهم الفحشاء عذرين يعتذرون بهما ومستندين يستندون إليهما وهما فعل آبائهم وأمر الله إياهم بها ، وكان الثاني هو الذي يرتبط بالخطاب العام المستخرج من قصة الجنة فقط ، ولذلك تعرض لدفعه ورده عليهم ، وأما استنادهم إلى فعل آبائهم فذلك وإن لم يكن مما يرتضيه الله سبحانه وقد رده في سائر كلامه بمثل قوله : « أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ » فلم يتعرض لرده هاهنا لخروجه عن غرض الكلام.
وقد ذكر جمع من المفسرين أن قوله : « وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً » إلخ ، إشارة إلى ما كان معمولا عند أهل الجاهلية من الطواف بالبيت الحرام عراة يقولون : نطوف كما ولدتنا أمهاتنا ولا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب ، ونقل عن الفراء أنهم كانوا يعملون شيئا من سيور مقطعة يشدونهم على حقويهم يسمى حوفا وإن عمل من صوف سمي رهطا وكانت المرأة تضع على قبلها نسعة أو شيئا آخر فتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله |
|
وما بدا منه فلا أحله |
ولم يزل دائرا بينهم حتى منعهم النبي صلىاللهعليهوآله بعد الفتح حين بعث عليا عليهالسلام بآيات البراءة إلى مكة.
وكان النبي صلىاللهعليهوآله أو بعض المسلمين كانوا يعيبونهم على ذلك فيعتذرون إليهم بقولهم : « وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها » فرد الله سبحانه عليهم وذمهم بقوله :