وفيه : ما في الوجه السابق على أنه تحكم من غير دليل.
ومن قائل : أنه كلام مستأنف. وقد تقدم ذكره.
ومن قائل : أنه متصل بما سبقه ، والمعنى : أخلصوا لله في حياتكم فإنكم تبعثون على ما متم عليه : المؤمن على إيمانه ، والكافر على كفره.
وفيه : أنه مبني على كون المراد بالبدء هو مجموع الحياة الدنيا في قبال الحياة الآخرة ثم تشبيه بالعود وهو الحياة الآخرة بآخر الحياة الأولى المسماة بعثا ، والآية ـ كما تقدم ـ بمعزل عن الدلالة على هذا المعنى.
قوله تعالى : « يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ » إلى آخر الآية. قال الراغب : السرف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان ، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر ، انتهى.
أخذ الزينة عند كل مسجد هو التزين الجميل عند الحضور في المسجد ، وهو إنما يكون بالطبع للصلاة والطواف وسائر ذكر الله فيرجع المعنى إلى الأمر بالتزين الجميل للصلاة ونحوها ، ويشمل بإطلاقه صلوات الأعياد والجماعات اليومية وسائر وجوه العبادة والذكر.
وقوله : « وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا » إلخ ، أمران إباحيان ونهي تحريمي معلل بقوله : « إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ » والجميع مأخوذة من قصة الجنة كما مرت الإشارة إليه ، وهي كما تقدم خطابات عامة لا تختص بشرع دون شرع ولا بصنف من أصناف الناس دون صنف.
ومن هنا يعلم فساد ما ذكره بعضهم : أن قوله : « يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ » إلخ يدل على بعثة النبي صلىاللهعليهوآله إلى جميع البشر ، وأن الخطاب يشمل النساء بالتبع للرجال شرعا لا لغة ( انتهى ). نعم تدل الآية على أن هناك أحكاما عامة لجميع البشر برسالة واحدة أو أكثر ، وأما شمول الحكم للنساء فبالتغليب في الخطاب والقرينة العقلية قائمة.
قوله تعالى : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ »