والارجحية في كل شيء ، واختصوا لانفسهم بكل مصادر الخير ، والفضل ، والتقدم في المجالات المختلفة وهم الذين كانوا إلى الامس القريب لا يحلمون حتى بأن يحكموا أنفسهم ، أو يملكوا أمرهم. وكانوا يعيشون الحياة الصعبة بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، ويعانون من عقدة التخلف ، والحقارة ، والمهانة بصورة حقيقية ..
وكانوا يتعاملون مع كل من يحيط بهم من الامم ، من موقع الحاجة ، والضعف ، والاستكانة ، والفقر؛ فيقيسون ما هم من ذل إلى ملك كسروي ، وجبروت قيصري ، فيرون البون الشاسع ، والفرق الكبير ؛ فأين الثريا من الثرى. وأين الحضيض من السها ، قال قتادة : « كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلاً ، وأشقاه عيشاً ، وأبينه ضلالةً ، واعراه جلوداً ، وأجوعه بطوناً ، معكومين على رأس حجرين أسدين : فارس ، والروم. لا والله. ما في بلادهم يؤمنذ شي ء يحسدون عليه ، من عاش منهم عاش شقياً ، ومن مات ردّي في النار. يؤكلون ، ولا يأكلون. والله ما نعلم قبيلاً يؤمئذٍ ، من حاضر الارض ، كانوا فيها أصغر حظاً ، وأدق فيها شأناً منهم ، حتى جاء الله عزّوجلّ بالاسلام ، فورثكم به الكتاب واحل لكم به دار الجهاد ، ووضع لكم به من الرزق ، وجعلكم به ملوكاً على رقاب الناس » (١).
وهناك كلمات أمير المؤمنين المعبرة عن حالة العرب ، وأنهم كانوا على « شر دين ، وفي شر دار ، بين حجارة خشن ، وحيات صم ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب إلخ » (٢). وله عليهالسلام كلمات اخرى تعبر عن حالة العرب .. فليراجعها من ارادها .. وليراجع أيضاً كلام المغيرة بن شعبة في هذا المجال (٣).
__________________
(١) جامع البيان ج ٤ ص ٢٥ وضحى الاسلام ج ١ ص ١٨ عنه.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٢٥ بشرح محمد عبده.
(٣) راجع في ذلك كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ج ١ ص ٤٧/٤٨.