أن يريني النار فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمدا النار فكشف عنها غطاءها ـ وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء ـ وفارت وارتفعت حتى ظننت ليتناولني مما رأيت فقلت : يا جبرئيل! قل له فليرد عليها غطاءها فأمره فقال لها : ارجعي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه.
ثم مضيت فرأيت رجلا آدما جسيما ـ فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أبوك آدم ـ فإذا هو يعرض عليه ذريته ـ فيقول : روح طيبة وريح طيبة من جسد طيب ـ ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية ـ « » كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ـ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ » إلى آخرها قال : فسلمت على أبي آدم وسلم علي ـ واستغفرت له واستغفر لي ، وقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح المبعوث في الزمن الصالح.
قال : ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس ـ وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه ـ وإذا بيده لوح من نور ينظر فيه مكتوب فيه ـ كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا ، مقبلا عليه كهيئة الحزين فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ قال : هذا ملك الموت دائب في قبض الأرواح ـ فقلت : يا جبرئيل أدنني منه حتى أكلمه ـ فأدناني منه فسلمت عليه ، وقال له جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد ـ فرحب بي وحياني بالسلام وقال : أبشر يا محمد فإني أرى الخير كله في أمتك ـ فقلت : الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ـ ذلك من فضل ربي ورحمته علي فقال جبرئيل : هو أشد الملائكة عملا فقلت : أكل من مات أو هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ فقال : نعم. قلت : وتراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسك؟ فقال : نعم. فقال ملك الموت : ما الدنيا كلها عندي فيما سخره الله لي ومكنني عليها ـ إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار إلا وأنا أتصفحه كل يوم خمس مرات ، وأقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم : لا تبكوا عليه فإن لي فيكم عودة وعودة ـ حتى لا يبقى منكم أحد فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كفى بالموت طامة يا جبرئيل ـ فقال جبرئيل : إن ما بعد الموت أطم وأطم من الموت.
قال : ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم ـ موائد من لحم طيب ولحم خبيث ـ يأكلون اللحم الخبيث ويدعون الطيب فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين