يفضل على الملائكة المقربين؟ وقد استدل عليه بالآية الكريمة : « وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً » على أن يكون الكثير بمعنى الجميع كما أومأنا إليه في تفسير الآية وبما ورد من طريق الرواية أن المؤمن أكرم على الله من الملائكة.
وهو المعروف أيضا من مذهب الشيعة ، وربما استدلوا عليه بأن الملك مطبوع على الطاعة من غير أن يتأتى منه المعصية لكن الإنسان من جهة اختياره تتساوى نسبته إلى الطاعة والمعصية وقد ركب من قوى رحمانية وشيطانية وتألف من عقل وشهوة وغضب فالإنسان المؤمن المطيع يطيعه وهو غير ممنوع من المعصية بخلاف الملك فهو أفضل من الملك.
ومع ذلك فالقول بأفضلية الإنسان بالمعنى الذي تقدم ليس باتفاقي بينهم فمن الأشاعرة من قال بأفضلية الملك مطلقا كالزجاج ونسب إلى ابن عباس.
ومنهم من قال بأفضلية الرسل من البشر ، مطلقا ثم الرسل من الملائكة على من سواهم من البشر والملائكة ثم عامة الملائكة على عامة البشر.
ومنهم من قال بأفضلية الكروبيين من الملائكة مطلقا ثم الرسل من البشر ثم الكمل منهم ثم عموم الملائكة من عموم البشر ، كما يقول به الإمام الرازي ونسب إلى الغزالي.
وذهبت المعتزلة إلى أفضلية الملائكة من البشر واستدلوا على ذلك بظاهر قوله تعالى : « وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ ـ إلى قوله ـ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً » وقد مر تقرير حجتهم في تفسير الآية.
وقد بالغ الزمخشري في التشنيع على القائلين بأفضلية الإنسان من الملك ممن فسر الكثير في الآية بالجميع فقال في الكشاف ، في ذيل قوله تعالى : « وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا » هو ما سوى الملائكة وحسب بني آدم تفضيلا أن ترفع عليهم الملائكة وهم هم ومنزلتهم عند الله منزلتهم.
والعجب من المجبرة كيف عكسوا في كل شيء وكابروا حتى جسرتهم عادة المكابرة