وقد وصف سبحانه مقامه بأنه محمود وأطلق القول من غير تقييد وهو يفيد أنه مقام يحمده الكل ولا يثني عليه الكل إلا إذا استحسنه الكل وانتفع به الجميع ولذا فسروا المقام المحمود بأنه المقام الذي يحمده عليه جميع الخلائق وهو مقام الشفاعة الكبرى له صلىاللهعليهوآله يوم القيامة وقد اتفقت على هذا التفسير الروايات من طرق الفريقين عن النبي صلىاللهعليهوآله وأئمة أهل البيت عليهالسلام.
قوله تعالى : « وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً » المدخل بضم الميم وفتح الخاء مصدر ميمي بمعنى الإدخال ونظيره المخرج بمعنى الإخراج ، والعناية في إضافة الإدخال والإخراج إلى الصدق أن يكون الدخول والخروج في كل أمر منعوتا بالصدق جاريا على الحقيقة من غير أن يخالف ظاهره باطنه أو يضاد بعض أجزائه بعضا كأن يدعو الإنسان بلسانه إلى الله وهو يريد بقلبه أن يسود الناس أو يخلص في بعض دعوته لله ويشرك في بعضها غيره.
وبالجملة هو أن يرى الصدق في كل مدخل منه ومخرج ويستوعب وجوده فيقول ما يفعل ويفعل ما يقول ولا يقول ولا يفعل إلا ما يراه ويعتقد به ، وهذا مقام الصديقين.
ويرجع المعنى إلى نحو قولنا : اللهم تول أمري كما تتولى أمر الصديقين.
وقوله : « وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً » أي سلطنة بنصرتي على ما أهم به من الأمور وأشتغل به من الأعمال فلا أغلب في دعوتي بحجة باطلة ، ولا أفتتن بفتنة أو مكر يمكرني به أعداؤك ولا أضل بنزغ شيطان ووسوسته.
والآية ـ كما ترى ـ مطلقة تأمر النبي صلىاللهعليهوآله أن يسأل ربه أن يتولى أمره في كل مدخل ومخرج بالصدق ويجعل له سلطانا من عنده ينصره فلا يزيغ في حق ولا يظهر بباطل فلا وجه لما ذكره بعض المفسرين أن المراد بالدخول والخروج دخول المدينة بالهجرة والخروج منها إلى مكة للفتح أو أن المراد بهما دخول القبر بالموت والخروج منه بالبعث.
نعم لما كانت الآية بعد قوله : « وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ » « وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ » وفي سياقهما ، لوحت إلى أمره صلىاللهعليهوآله أن يلتجئ إلى ربه في كل أمر يهم به أو يشتغل