الاستفهام في قوله : « أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً » للإنكار ، وجملة « قالُوا أَبَعَثَ اللهُ » « إلخ » حكاية حالهم بحسب الاعتقاد وإن لم يتكلموا بهذه الكلمة بعينها.
وإنكار النبوة والرسالة مع إثبات الإله من عقائد الوثنية ، وهذه قرينة على أن المراد بالناس الوثنيون ، والمراد بالإيمان الذي منعوه هو الإيمان بالرسول.
فمعنى الآية وما منع الوثنيين ـ وكانت قريش وعامة العرب يومئذ منهم ـ أن يؤمنوا بالرسالة ـ أو برسالتك ـ إلا إنكارهم لرسالة البشر ، ولذلك كانوا يردون على رسلهم دعوتهم ـ كما حكاه الله ـ بمثل قولهم : « لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ » حم السجدة : ١٤.
قوله تعالى : « قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً » أمر سبحانه رسوله صلىاللهعليهوآله أن يرد عليهم قولهم وإنكارهم لرسالة البشر ونزول الوحي بأن العناية الإلهية قد تعلقت بهداية أهل الأرض ولا يكون ذلك إلا بوحي سماوي لا من عند أنفسهم فالبشر القاطنون في الأرض لا غنى لهم عن وحي سماوي بنزول ملك رسول إليهم ويختص بذلك نبيهم.
وهذه خاصة الحياة الأرضية والعيشة المادية المفتقرة إلى هداية إلهية لا سبيل إليها إلا بنزول الوحي من السماء حتى لو أن طائفة من الملائكة سكنوا الأرض وأخذوا يعيشون عيشة أرضية مادية لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا كما ننزل على البشر ملكا رسولا.
والعناية في الآية الكريمة. كما ترى ـ متعلقة بجهتين إحداهما كون الحياة أرضية مادية ، والأخرى كون الهداية الواجبة بالعناية الإلهية بوحي نازل من السماء برسالة ملك من الملائكة.
والأمر على ذلك فهاتان الجهتان أعني كون حياة النوع أرضية مادية ووجوب هدايتهم بواسطة سماوية وملك علوي هما المقدمتان الأصليتان في البرهان على وجود الرسالة ولزومها.
وأما ما أصر عليه المفسرون من تقييد معنى الآية بوجوب كون الرسول من جنس