الأسماء الحسنى فهي طرق دعوته ودعوتها دعوته فإنها أسماؤه والاسم مرآة المسمى وعنوانه فافهم ذلك.
والآية من غرر الآيات القرآنية تنير حقيقة ما يراه القرآن الكريم من توحيد الذات وتوحيد العبادة قبال ما يراه الوثنية من توحيد الذات وتشريك العبادة.
فإن الوثنية ـ على ما تقدم جملة من آرائهم في الجزء العاشر من الكتاب ـ ترى أنه سبحانه ذات متعالية من كل حد ونعت ثم تعينت بأسماء اسما بعد اسم وتسمي ذلك تولدا ، وترى الملائكة والجن مظاهر عالية لأسمائه فهم أبناؤه المتصرفون في الكون ، وترى أن عبادة العابدين وتوجه المتوجهين لا يتعدى طور الأسماء ولا يتجاوز مرتبة الأبناء الذين هم مظاهر أسمائه فإنا إنما نعبد فيما نعبد الإله أو الخالق أو الرازق أو المحيي أو المميت إلى غير ذلك ، وهذه كلها أسماء مظاهرها الأبناء من الملائكة والجن ، وأما الذات المتعالية فهي أرفع من أن يناله حس أو وهم أو عقل ، وأعلى من أن يتعلق به توجه أو طلب أو عبادة أو نسك.
فعندهم دعوة كل اسم هي عبادة ذلك الاسم أي الملك أو الجن الذي هو مظهر ذلك الاسم ، وهو الإله المعبود بتلك العبادة فيتكثر الآلهة بتكثر أنواع الدعوات بأنواع الحاجات ولذلك لما سمع بعض المشركين دعاءه صلىاللهعليهوآله في صلاته : يا الله يا رحمن قال : انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهين.
والآية الكريمة ترد عليهم ذلك وتكشف عن وجه الخطإ في رأيهم بأن هذه الأسماء أسماء حسنى له تعالى فهي مملوكة له محضا لا تستقل دونه بنعت ولا تنحاز عنه في ذات أو صفة تملكه وتقوم به فليس لها إلا الطريقية المحضة ، ويكون دعاؤها دعاءه والتوجه بها توجها إليه ، وكيف يستقيم أن يحجب الاسم المسمى وليس إلا طريقا دالا عليه هاديا إليه ووجها له يتجلى به لغيره ، فدعاء الأسماء الكثيرة لا ينافي توحيد عبادة الذات كما يمتنع أن تقف العبادة على الاسم ولا يتعداه.
ويتفرع على هذا البيان ظهور الخطإ في عد الأسماء أو مظاهرها من الملائكة والجن