البخوع والبخع القتل والإهلاك والآثار علائم أقدام المارة على الأرض ، والأسف شدة الحزن والمراد بهذا الحديث القرآن.
والآية واللتان بعدها في مقام تعزية النبي صلىاللهعليهوآله وتسليته وتطييب نفسه والفاء لتفريع الكلام على كفرهم وجحدهم بآيات الله المفهوم من الآيات السابقة والمعنى يرجى منك أن تهلك نفسك بعد إعراضهم عن القرآن وانصرافهم عنك من شدة الحزن ، وقد دل على إعراضهم وتوليهم بقوله : ( عَلى آثارِهِمْ ) وهو من الاستعارة.
قوله تعالى : « إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » إلى آخر الآيتين الزينة الأمر الجميل الذي ينضم إلى الشيء فيفيده جمالا يرغب إليه لأجله والصعيد ظهر الأرض والجرز على ما في المجمع ، الأرض التي لا تنبت كأنها تأكل النبت أكلا.
ولقد أتى في الآيتين ببيان عجيب في حقيقة حياة الإنسان الأرضية وهو أن النفوس الإنسانية ـ وهي في أصل جوهرها علوية شريفة ـ ما كانت لتميل إلى الأرض والحياة عليها وقد قدر الله أن يكون كمالها وسعادتها الخالدة بالاعتقاد الحق والعمل الصالح فاحتالت العناية الإلهية إلى توقيفها موقف الاعتقاد والعمل وإيصالها إلى محك التصفية والتطهير وإسكانها الأرض إلى أجل معلوم بإلقاء التعلق والارتباط بينها وبين ما على الأرض من أمتعة الحياة من مال وولد وجاه وتحبيبه إلى قلوبهم فكان ما على الأرض وهو جميل عندهم محبوب في أنفسهم زينة للأرض وحلية تتحلى بها لكونه عليها فتعلقت نفوسهم على الأرض بسببه واطمأنت إليها.
فإذا انقضى الأجل الذي أجله الله تعالى لمكثهم في الأرض بتحقق ما أراده من البلاء والامتحان سلب الله ما بينهم وبين ما على الأرض من التعلق ومحى ما له من الجمال والزينة وصار كالصعيد الجرز الذي لا نبت فيه ولا نضارة عليه ونودي فيهم بالرحيل وهم فرادى كما خلقهم الله تعالى أول مرة.
وهذه سنة الله تعالى في خلق الإنسان وإسكانه الأرض وتزيينه ما عليها له ليمتحنه بذلك ويتميز به أهل السعادة من غيرهم فيأتي سبحانه بالجيل بعد الجيل والفرد بعد الفرد فيزين له ما على وجه الأرض من أمتعة الحياة ثم يخليه واختياره ليختبرهم بذلك