وفي تفسير العياشي ، أيضا عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد ـ فلما صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق ـ فأخذ هذا على هذا وهذا على هذا ثم قالوا : أظهروا أمركم فأظهروه فإذا هم على أمر واحد.
أقول : وفي معناه ما عن ابن عباس في الخبر الآتي.
في الدر المنثور ، أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : غزونا مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم ـ فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف ـ الذي ذكر الله في القرآن فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس : ليس ذلك لك قد منع الله ذلك عمن هو خير منك فقال : « لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً » فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم فبعث رجالا فقال : اذهبوا فادخلوا الكهف فانظروا فذهبوا ـ فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم ـ فبلغ ذلك ابن عباس فأنشأ يحدث عنهم.
فقال : إنهم كانوا في مملكة ملك من الجبابرة ـ فجعلوا يعبدون حتى عبدوا الأوثان وهؤلاء الفتية في المدينة ـ فلما رأوا ذلك خرجوا من تلك المدينة ـ فجمعهم الله على غير ميعاد فجعل بعضهم يقول لبعض : أين تريدون؟ أين تذهبون؟ فجعل بعضهم يخفي على بعض لأنه لا يدري هذا على ما خرج هذا ـ ولا يدري هذا فأخذوا العهود والمواثيق أن يخبر بعضهم بعضا ـ فإن اجتمعوا على شيء وإلا كتم بعضهم بعضا ـ فاجتمعوا على كلمة واحدة فقالوا : « رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ـ إلى قوله ـ مِرْفَقاً ».
قال : فقعدوا فجاء أهلهم يطلبونهم لا يدرون أين ذهبوا؟ فرفع أمرهم إلى الملك فقال : ليكونن لهؤلاء القوم بعد اليوم شأن ، ناس خرجوا لا يدرى أين ذهبوا في غير خيانة ولا شيء يعرف؟ فدعا بلوح من رصاص فكتب فيه أسماءهم ـ ثم طرح في خزانته فذلك قول الله : « أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ » والرقيم هو اللوح الذي كتبوا ، فانطلقوا حتى دخلوا الكهف ـ فضرب الله على آذانهم فناموا ـ فلو أن الشمس تطلع عليهم لأحرقتهم ، ولو لا أنهم يقلبون لأكلتهم الأرض ، وذلك قول الله : « وَتَرَى الشَّمْسَ » الآية.