ومن ذلك اختلافها في مدة ملكه فروي (١) ثلاثون سنة وروي (٢) اثنتا عشرة سنة إلى غير ذلك من جهات الاختلاف التي يعثر عليها من راجع أخبار القصة من جوامع الحديث وخاصة الدر المنثور ، والبحار ، والبرهان ، ونور الثقلين ،.
وفي كتاب كمال الدين ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : قام ابن الكواء إلى علي عليهالسلام وهو على المنبر ـ فقال : يا أمير المؤمنين ـ أخبرني عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ وأخبرني عن قرنيه أمن ذهب أم من فضة؟ فقال له : لم يكن نبيا ولا ملكا ، ولم يكن قرناه من ذهب ولا فضة ولكن كان عبدا ـ أحب الله فأحبه الله ونصح الله فنصحه الله ، وإنما سمي ذا القرنين لأنه دعا قومه إلى الله عز وجل ـ فضربوه على قرنه فغاب عنهم حينا ـ ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الآخر ، وفيكم مثله.
أقول : الظاهر أن « الملك » في الرواية بفتح اللام لا بكسرها لاستفاضة الروايات عنه وعن غيره عليهالسلام بملك ذي القرنين فنفيه عليهالسلام أن يكون ذو القرنين نبيا أو ملكا بفتح اللام إنكار منه لصحة ما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله في بعض الروايات أنه كان نبيا وفي بعضها الآخر أنه كان ملكا من الملائكة وبه كان يقول عمر بن الخطاب كما تقدمت الإشارة إليه.
وقوله : « وفيكم مثله » أي مثل ذي القرنين في شجتيه يشير عليهالسلام إلى نفسه فإنه أصيب بضربة من عمرو بن عبد ود وبضربة من عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فاستشهد بها ، ولرواية مستفيضة عنه عليهالسلام روته عنه الشيعة وأهل السنة بألفاظ مختلفة ، وأبسط ألفاظها ما أوردناه ، وقد لعبت به يد النقل بالمعنى فأظهرته في صور عجيبة وبلغ بها التحريف غايته.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل علي عن ذي القرنين أنبي هو؟ فقال سمعت نبيكم (ص) يقول : هو عبد ناصح الله فنصحه.
وفي احتجاج الطبرسي ، عن الصادق عليهالسلام في حديث طويل : وفيه قال السائل
__________________
(١) البرهان عن البرقي عن موسى بن جعفر عليهالسلام.
(٢) الدر المنثور عن ابن أبي حاتم عن وهب.