وإذا سافرت مع قوم فاكثر استشارتهم ، وأكثر التّبسّم في وجوههم ، فاذا دعوك فأجبهم ، فاذا استعانوك فأعنهم ، واغلبهم بطول الصّمت وكثرة البرّ والصّلاة وسخاء النّفس بما معك من دابّة أو مال أو زاد ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، واسمع ممن هو أكبر منك سنّاً وإن تحيّرتم في طريقكم فانزلوا ، وإن شككتم في القصد فقفوا وتآمروا ، اذا قربت من المنزل عن دابّتك ، ثمّ ابدأ بعلفها قبل نفسك فانّها نفسك ، وان استطعت أن لا تأكل من الطّعام حتّى تتصدق منه فافعل ، وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكباً ، والتّسبيح ما دمت عاملاً ، وبالدّعاء ما دمت خالياً (١).
فصل ـ ٥ ـ
٢٤٤ ـ وباسناده قال : قال ابوعبد الله عليه السلام : قال لقمان لابنه : يا بنيّ إيّاك والضّجر وسوء الخلق وقلّة الصّبر ، فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب ، والزم نفسك التّؤدة في أُمورك ، وصبّر على مؤنات الإِخوان نفسك ، وحسّن مع جميع النّاس خلقك ، يا بنيّ إن عَدِمَكَ ما تصل به قرابتك وتتفضّل به على إخوتك ، فلا يعدمنّك حسن الخلق وبسط البشر ، فانّه من أحسن خلقه أحبّه الأخيار وجانبه الفجّار ، واقنع بقسم الله لك يصفُ عيشك ، فإِن أدرت أن تجمع عزّ الدّنيا ، فاقطع طمعك ممّا في أيدي النّاس ، فانّما بلغ الأنبياء والصّدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم (٢).
٢٤٥ ـ وقال الصّادق عليه السلام : قال لقمان لابنه : يا بنيّ إن احتجت إلى السّلطان فلا تكثر الإِلحاح عليه ، ولا تطلب حاجتك منه إلّا في مواضع الطّلب ، وذلك حين الرّضا وطيب النّفس ، ولا تضجرنّ بطلب حاجة ، فانّ قضاءها بيد الله ولها أوقات ، ولكن ارغب إلى الله وسله وحرّك أصابعك إليه.
يا بنيّ إنّ الدّنيا قليل وعمرك قصير. يا بنيّ احذر
الحسد ، فلا يكوننّ من شأنك ،
_________________________________
(١) بحار الانوار (١٣ / ٤١٩) ، برقم : (١٣) إلى قوله « لاطلاعهم عليك » وروي بعده عن الكافي ص (٤٢٢ ـ ٤٢٣) ، برقم : (١٨).
(٢) بحار الانوار (١٣ / ٤١٩ ـ ٤٢٠) ، برقم : (١٤).