واجتنب سوءَ الخلق ، فلا يكوننّ من طبعك ، فانّك لا تضرّ بهما إلّا نفسك ، وإذا كنت أنت الضّار لنفسك كفيت عدوّك أمرك ، لأنّ عداوتك لنفسك أضرّ عليك من عداوة غيرك.
يا بُنيّ اجعل معروفك في أهله ، وكن فيه طالباً لثواب الله ، وكن مقتصداً ولا تمسكه تقتيراً ولا تعطه تبذيراً. يا بنيّ سيّد أخلاق الحكمة دين الله تعالى ، ومثل الدّين كمثل الشّجرة الثّابتة ، فالايمان بالله ماؤها ، والصّلاة عروقها ، والزّكاة جذعها ، والتّآخي في الله شعبها ، والاخلاق الحسنة ورقها ، والخروج عن معاصي الله ثمرها ، ولا تكمل الشّجرة إلّا بثمرة طيّبة ، كذلك الدّين لا يكمل إلّا بالخروج عن المحارم. يا بنيّ لكلّ شيء علامة يعرف بها وأنّ للدّين ثلاث علامات : العفّة والعلم والحلم (١).
فصل ـ ٦ ـ
٢٤٦ ـ وبالاسناد المتقدّم عن سليمان بن داود المنقري ، عن ابن عُيينة (٢) ، عن الزّهري ، عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهم ، قال : قال لقمان لابنه : يا بنيّ إنّ أشدّ العدم عدم القلب وأنّ أعظم المصائب مصيبة الدّين وأسنى المرزئة مرزئته وأنفع الغنى غنى القلب ، فتلبث في كلّ ذلك والزم القناعة والرّضا بما قسّم الله ، وأنّ السّارق إذا سرق حبسه الله من رزقه وكان عليه اثمه ، ولو صبر لنال ذلك وجاءه من وجهه.
يا بنيّ اخلص طاعة الله حتّى لا يخالطها شيء من المعاصي ثمّ زيّن الطّاعة باتّباع أهل الحق ، فانّ طاعتهم متصلة بطاعة الله ، وزيّن ذلك بالعلم وحصّن علمك بحلم لا يخالطه حمق واخزنه بلين لا يخالطه جهل ، وشدّده بحزم لا يخالطه الضّياع وامزج حزمك برفق لا يخالطه العنف (٣).
٢٤٧ ـ وعن سليمان بن داود ، حدّثنا يحيى بن سعيد
القطّان ، قال : سمعت الصّادق عليه السلام يقول : قال لقمان : حملت الجندل والحديد وكلّ حمل ثقيل ، فلم أحمل
شيئاً أثقل من جار السّوء ، وذقت المرارات كلّها ، فما ذقت شيئاً أمرّ من الفقر ، يا بنيّ لا
تتخذ الجاهل
_________________________________
(١) بحار الانوار (١٣ / ٤٢٠) ، برقم : (١٤) من أثناء الحديث.
(٢) كذا في البحار وفي ق ٣ : محمد بن عيينة وفي سائر النّسخ : نصر بن عيينة والصّحيح سفيان بن عيينة.
(٣) بحار الانوار (١٣ / ٤٢٠ ـ ٤٢١) ، برقم : (١٥).