فلمّا أصبح الملك دعاه فجلده بالسّياط على الظّهر والبطن ، ثمّ ردّه إلى السّجن ، ثم كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكلّ ساحر فبعثوا بساحر استعمل كلّما قدر عليه من السّحر فلم يعمل فيه ، ثمّ عمد إلى سمّ فسقاه ، فقال جرجيس : « بسم الله الّذي يضلّ عند صدقه كذب الفجرة وسحر السّحرة » فلم يضرّه.
فقال السّاحر : لو أنّي سقيت بهذا السّم أهل الأرض لنزعت قواهم ، وشوّهت خلقهم ، وعميت أبصارهم ، وأنت يا جرجيس النّور المضيء والسّراج المنير والحقّ اليقين ، أشهد أنّ إلهك حقّ وما دونه باطل ، آمنت به وصدّقت رسله وإليه أتوب ممّا فعلت فقتله الملك.
ثمّ أعاد جرجيس عليه السلام إلى السّجن ، وعذّبه بألوان العذاب ، ثمّ قطّعة أقطاعاً وألقاها في جبّ ، ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب ، فأمر الله تعالى أعصاراً أنشأب سحابة سوداء وجاءت بالصّواعق ورجفت الأرض ، وتزلزلت الجبال حتّى أشفقوا أن يكون هلاكهم ، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجبّ وقال : قم يا جرجيس بقوة الله الّذي خلقك فسوّاك ، فقام جرجيس عليه السلام حيّاً سويّاً ، وأخرجه من الجبّ وقال : اصبر وابشر.
فانطلق جرجيس حتّى قام بين يدي الملك ، وقال : بعثني الله ليحتجّ بي عليكم ، فقام صاحب الشّرطة وقال : آمنت بإِلهك الّذي بعثك بعد موتك ، وشهدت أنّه الحقّ ، وجميع الآلهة دونه باطل ، وأتبعه أربعة آلاف آمنوا وصدّقوا جرجيس عليه السلام فقتلهم الملك جميعاً بالسّيف.
ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النّار حتّى احمرّ ، فبسط عليه جرجيس عليه السلام وأمر بالرّصاص فأُذيب وصبّ في فيه ، ثمّ ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ، ثمّ ينزع ويفرغ الرّصاص مكانه ، فلمّا رآى أنّ ذلك لم يقتله أوقد عليه النّار حتّى مات وأمر برماده فذرّ في الرّياح ، فأمر الله تعالى رياح الأرضين في اللّيلة ، فجمعت رماده في مكان ، فأمر ميكائيل فنادى جرجيس ، فقام حيّاً سويّاً بإِذن الله.
فانطلق جرجيس عليه السلام إلى الملك وهو في أصحابه
، فقام رجل وقال : إن تحتنا أربعة عشر منبراً ومائدةً بين أيدينا ، وهي من عيدان شتّى ، منها ما يثمر ، ومنها
ما لا يثمر ، فسل ربّك أن يلبس كلّ شجرة منها لحالها ، وينبت فيها ورقها وثمرها ، فإِن فعل ذلك فإنّي أصدّقك ، فوضع جرجيس عليه السلام ركبتيه على الأرض ودعا ربّه تعالى ، فما
برح